Site icon IMLebanon

حسابات الربح والخسارة في الانتخابات البلدية

بداية نشكر ربّ العالمين على أنّ عملية الانتخابات البلدية في مرحلتها الثانية تمّت في وضع سلمي أكثر من جيّد كما أعلن ذلك وزير الداخلية الزميل نهاد المشنوق «مئة في المئة».

ومن الطبيعي جداً أنّ مَن يربح الانتخابات يقول إنها شريفة ونظيفة أمّا الذي يخسرها فيتهم الآخرين بالرشوة ويتحدث عن التدخلات.

ومعلوم أنّ هذه الانتخابات هي أساسية بالنسبة الى الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه الزعيم وليد جنبلاط الذي يبدو أنه يعلم مسبقاً بأنّ هذه الانتخابات ستكون هذه المرة غيرها في السنوات الماضية، لوجود تغيرات كبيرة في التحالفات.

أولاً- المسيحيون وبعد الاتفاق بين الدكتور سمير جعجع قائد «القوات اللبنانية» والجنرال ميشال عون رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» هذا الاتفاق لو طبّق فعلياً فإنّ الجنرال يكون قد اعترف أخيراً بـ«اتفاق الطائف» ومن هنا يمكن أن يبنى على ذلك إعادة النظر في كثير من الأوضاع والتحالفات التي يقيمها الجنرال.

ثانياً- لم يعد يملك الزعيم الدرزي وليد جنبلاط اليد المطلقة في منطقة إقليم الخروب لأنّ المزاج السنّي لم يعد في يده كما كان… وهناك متغيرات كبيرة سوف تظهر بعد الإنتهاء من عملية فرز الأصوات.

ثالثاِ- حتى الزعامة المطلقة في كل الانتخابات السابقة يبدو أنّ هذه الميزة أيضاً تقلّصت لأنه حتى الأمير طلال أرسلان لن يبقى بيد وليد بك كما كان في السابق.

إنطلاقاً من هذا الواقع اختار وليد بك أن يذهب الى باريس من أجل المشاركة في حضور الفيلم الوثائقي عن سيرة حياة الشهيد كمال جنبلاط الذي أخرجه جاك لانغ وأنتجته جيزيل خوري وهادي زكاك ويروي سيرة الزعيم الذي اغتيل في 16 آذار من العام 1977.

وعمد جنبلاط، للمرة الأولى منذ 200 سنة، الى تسليم الزعامة في العائلة الجنبلاطية إذ كان الانتقال في الزعامة يتم إثر الوفاة كما حدث إثر اغتيال الزعيم كمال جنبلاط وكذلك قبل الشهيد كمال أي والده وأجداده… أمّا الزعيم وليد فاختار هذه المناسبة ليسلم ابنه تيمور تلقائياً.

نعود الى بعض الملاحظات حول العملية الانتخابية الثانية:

أولاً- لا شك في أنّ ارتفاع نسبة الإقتراع في معظم القرى والمدن التي جرت فيها الانتخابات يعود الى أنّ المواطن شعر أنّ هذه الانتخابات حقيقية وطبيعية وشفافة والأهم أنها حرّة بالرغم من أنّ السياسيين لم يكونوا بعيدين عن تأليف اللوائح واختيار المرشحين، وكان تدخل الأحزاب واضحاً وصريحاً وهذا طبيعي على الرغم من مقولة إنّ الانتخابات البلدية هي إنمائية، ولكن الإنماء له علاقة أيضاً بالسياسة.

ثانياً- على الرغم من محاولة الدكتور سمير جعجع أن يصوّر أنّ معركة جونية طبيعية وأعطيت أكثر من حجمها وهذا هو ذكاء الدكتور، لكن الواقع أنّ الجنرال عون عندما حضر الى مركز «ماكينة» لائحة حبيش أعلن أمام التلفزيون أنّ هناك رجل أعمال لبنانياً يعمل في أفريقيا لم يقم بأي عمل إنمائي لجونية إنما أرسل الأموال لشراء الضمائر، هذا ما قاله الجنرال، والسؤال: لماذا لم يتطرّق الدكتور جعجع الى هذا الموضوع؟ لأنه حسب المعلومات الحقيقية أنّ المتهم هو رجل الأعمال ابن مزيارة وليس له أي علاقة بـ»جونيه» لا من قريب ولا من بعيد، وأنّ علاقته كانت جيدة مع العماد عون ودعمه غير مرة في الانتخابات بملايين الدولارات بالإضافة الى مشاركته ودعمه قناة O.T.V… أمّا ما هي الأسباب فلا نعلم.

ويقتضي الإنصاف التوقف عند دور الرئيس ميشال المر الذي تفيد المعلومات الأولية عن الفرز أنه حقق انتصارات عديدة بفضل حضوره الفاعل والقوي، ودولته منسجم مع نفسه خصوصاً في البلديات والخدمات وهو صاحب تاريخ حافل في هذا الموضوع.

كما كانت الانتخابات في المرحلة الاولى تتمتع بالهدوء والأمان والاستقرار كذلك المرحلة الثانية أيضاً… والحمدلله كان الوضع الأمني جيداً أو كما قال وزير الداخلية الزميل نهاد المشنوق «الامن 100٪» وقالها بكل ثقة، وهذا فعلاً الأهم ما يعني ان الأهم من إجراء الانتخابات هو أن تتم العملية في وضع أمني جيّد لأنّ أرواح الناس واستقرار البلد هما الأهم.

كلمة أخيرة حول ما قيل إنّ هناك فتوى جاءت من مرجعية حزبية وسياسية ودينية تحرّم المرأة من أن تكون مرشحة للانتخابات، لماذا؟ لا نعلم على الرغم من أنه لا يوجد أي نص ديني في القرآن أو في أي كتاب سماوي يمنع ذلك.