لن يمر مرور الكرام الكلام الصادم والصادر عن بيار رفول المنسق في التيار الوطني الحر لبرنامج حوار اليوم والذي دبّج فيه وصفاً لم يسبقه أحد في التطاول على مقدّسات الإسلام والمسلمين، فاعتبر أنّ «سقوط القلمون بمثابة سقوط مكة»!!! والأيام المقبلة ستحمل الردود الملائمة والمناسبة على كلام رفول ليس على صعيد مسلمي لبنان فقط بل على مستوى مسلمي العالم العربي، خصوصاً وأنّ كلامه «منافقة» لـ»نفاق» حزب الله وادّعائه بطولات مزيّفة في القلمون السورية!!
هذه التهويلات من حزب الله وحلفائه ومحاولة افتعال انتصار وهمي كذاك الذي سبق وتوهمه الحزب في حرب تموز ثم ألّهه لاحقاً مع حلفائه، ليس أكثر من محاولة تزويد إيران المكسورة في جميع نقاط هلالها الشيعي، بعد سقوط الموقع الأخطر لمشروعها في اليمن، وبرنامجها النووي، وبعد قمة كامب ديفيد الخليجيّة، إيران التي تتلقّى صفعات متتالية، أوفدت علي أكبر ولايتي لتظهير انتصار ما لمحورها الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، ومن شاهد صورة حسن نصرالله بالأمس في قاعة المحكمة الدولية، وتردد اسم معاونه الشخصي حسين خليل، واسم النائب ابراهيم حسين السيد، والتهديدات التي نقلت عبر قناتهم للرئيس الشهيد رفيق الحريري يُدرك أنّ حزب الله، النموذج الذي تعتبره إيران قمّة «إنجازاتها» في المنطقة العربيّة، في طريقه ليصبح طريد العدالة الدوليّة، وأنّ الأيام المقبلة على المحكمة ستكشف حقائق كبرى عن تورط الحزب في جريمة اغتيال الرئيس الحريري وعن سابق تصور وتصميم وبتواطؤ إيراني ـ سوريّ تقاطعت فيه مصالح التخلّص من وجه الإسلام المعتدل، ولبنان المسيحي ـ المسلم…
هنا؛ ثمّة ما يدعونا إلى ردّ القارئ إلى هذه المعركة المحتدمة منذ أكثر من عقد في المنطقة برمّتها، ولا بُدّ لنا هنا من استعادة ما كشفه السفير الأميركي السابق «فرِد هوف» بأن مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى «أجمعوا على أنّ العدو الحقيقي لإيران هو السعودية، داخل سوريا وخارجها»، وهذا الكلام نقلته صحيفة «الرأي العام» الكويتية!! وللأسف، لم يتعلّم شيعة المنطقة العربيّة منذ العصر العباسي بأن لا يرهنوا أنفسهم لصالح المشروع الفارسي مهما كانت تجلياته أو الأسماء التي يحملها، وهم يكررون هذه اللعبة منذ قرون ويدفعون في النهاية أثماناً كبرى، ثمّ يعيدون تكرار التجربة، في سعي دؤوب للوصول إلى السلطة بهدف استعادة الإمبراطورية الفارسية تاريخ سحقه الإسلام في قادسيّة العراق منذ ما يقارب الأربعة عشر قرناً من الزمان…
والعداء الإيراني للسعودية قائم منذ أيام الشاه، ثم مع مجيء الخميني عام 1979، هو عداء قديم جداً فالمشروع الفارسي لا يتغيّر مهما تغير اسم إيران، سواء أكانت كسروية أو صفوية أو شاهنشاهيّة أو «إسلاميّة»، المشروع هو نفسه منذ «عبدالله ابن سبأ» وحتى يومنا هذا، تتغيّر الوجوه والعناوين والمشروع واحد لا يتغيّر!!
ثمّة فيديو يمكن مشاهدته على اليوتيوب الذي يساهم كثيراً هذه الأيام في فضح كلّ مستور في عالم الديكتاتوريات يكشف بوضوح حجم العداء الإيراني للسعودية، وللأماكن الإسلامية المقدسة في أرض الحجاز، ففي شريط فيديو يظهر أحد غلاة الصفوية وهو يهدد ويتوعد بتحويل الحج إلى «حمام دم» وقتل الآمنين، كاشفا عن حقده الدفين وانسياقه وراء التعليمات التي يتلقاها من إيران، حيث قال فيما نصه: «أنا أقول يا وهابيين، شهيد الله، شهيد الله، تذكروا هذه الكلمة شهيد الله، إذا فكرتم في يوم من الأيام تؤذوا أي شيعي في المنطقة، قسماً بالله العظيم لنجعل هذا الحج حمام دم.. احفظوها في راسكن، هاي حطوها في بالكن الحجة الجاية وكل حج جاي وإذا ما كان فيه حجة والله ندفنكن مو بس في إيران حتى في العراق.. الآن صرتم على حدودنا يعني ناكلكن بعظمكن، فلا تفكروا فيه أحد يحميكن»!!
هذا تاريخ من الحقد والعداء للسعودية ولخادم الحرمين الشريفين مهما كان اسمه، فثمّة مئات من المراجع يُحال عليها الباحث ليتأكد من حجم هذا العداء للسعودية، وهو درس سبق وعرفناه وقرأناه وفهمناه وتعلّمناه على يد القرامطة القدامى [القرامطة فرقة باطنية خرجت من عباءة التشيّع وتنسب لحمدان قرمط، وهو من أهل الكوفة، وقد تأثر بأفكار التشيع واعتنق المذهب الشيعي الإسماعيلي على يد الحسين الأهوازي في أواسط القرن الثالث الهجري] عندما هاجم سليمان أبو طاهر القرمطي سنة 317 هجرية يوم الثامن من ذي الحجة مكة المكرمة فدخلها يوم التروية فقتل الحجيج في المسجد الحرام وداخل البيت المعمور ورمى جثثهم في بئر زمزم وقتل أمير مكة ابن محارب وعرى البيت وقلع بابه وقلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى عاصمته هجر، وأقام بمكة ستة أيام، وقد رُوي أنه قد قتل ثلاثين ألفاً من الحجاج ومن سكان مكة وجلس أميرهم أبو طاهر على باب الكعبة والرجال تصرع حوله في الشهر الحرام، في يوم التروية، وهو ينشد والقتل مستحرٌّ بالحجيج وبالأبرياء من أهل مكة: «أنا بالله وبالله أنا/ يخلُقُ الخَلْقَ وأُفْنيهم أنا» ثم أمر بإلقاء القتلى في بئر زمزم، وأمر بقلع باب الكعبة، ونزع كسوتها عنها، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود، فجاء قرمطي فضرب الحجر بمثقل في يده وهو يقول: أين الطير الأبابيل؟ أين الحجارة من سجيل؟ ثم قلعه وأخذوه معهم، فمكث عندهم اثنين وعشرين سنة!! [تاريخ الإسلام للذهبي، الفصل بين الملل والأهواء والنحل،ابن حزم الظاهري].
للأسف، الشيعة في العالم العربي، كما «الفرس» لا يتعلّمون ولن يتعلّموا ولن يعتبروا من تاريخهم وبأنّ كلّ فورة من فوراتهم انتهت بهم إلى نكبة، ولا نظنها إلا قد أصبحت وشيكة جداً!!