بموازاة تطوير مختلف القدرات في مواجهة عدوين خطرين (الإرهاب الاسرائيلي والإرهاب التكفيري)، فإن الجيش اللبناني يخوض غمار عملية تحديث وتطوير في مختلف قطاعاته ومديرياته، وتحديداً مديرية المخابرات كونها العمود الفقري للمؤسسة العسكرية، ربطاً بعملها الأمني الاستباقي.
ومنذ تعيين مدير المخابرات الجديد العميد الركن كميل ضاهر، شهدت المديرية نقلة نوعية في ديناميتها الداخلية وفي عملية الانفتاح على وسائل الاعلام. و «يسجّل أن التشكيلات التي أجريت بعد التعيين كانت مفاجئة للجميع، ولم يُشتمّْ منها أي رائحة لتدخل سياسي، إنما كان المعيار هو اختيار الأكفّاء والمهنيين تمهيداً لتشكيل مجموعة منسجمة في العمل».
يلمس زائر قيادة الجيش وضوحاً شديداً لدى العميد ضاهر في تحديد الاهداف، فـ «هناك همان أساسيان: أمن الجيش وأمن لبنان، وهذه أمانة غالية وثقيلة في رقبتنا». أضف إلى أن «لا وجود لأي هدف أو طموح سياسي، وكل القدرات منصبّة في خدمة المؤسسة العسكرية لأنها الوحيدة التي تحافظ على الاستقرار والسلم الاهلي في لبنان».
لذلك، تتردد دائماً على لسان العميد ضاهر، أمام زواره، عبارة «أنا شخصياً على مسافة واحدة من كل السياسيين، وتحديداً الذين مارسوا الانتقاد بحقي فور تعييني، ولا وجود للشخصانية في عملي بل المصلحة العامة، ولا فرق عندي بين من يشتمني ويمدحني، فأنا شخص مهني وأتعامل مع أي أمر وفق مصلحة الجيش». لذلك جعل ضاهر زياراته الى السياسيين محدودة ومقتصرة على من هم في الموقع الرسمي، لأنه إذا وسّع الدائرة «اقضي وقتي في الزيارات».
تولي المؤسسة العسكرية لموضوع الحدود اهتماما استثنائياً، «فبعد المعارك التي حصلت قرب الحدود، وتحديدا في تدمر والقريتين، من الممكن ان يكون قد تسلل البعض ولكن بأعداد قليلة، ومديرية المخابرات تقف لهؤلاء بالمرصاد وتتابعهم، علماً أنه نتيجة الاجراءات التي ينفذها الجيش على الحدود الشرقية والشمالية، صار من الصعب تسلل مجموعات كبيرة، لذلك يعمد الإرهابيون الى التسلل فرادى، والأمر ذاته يحصل في الداخل إذ ان معظم الشبكات الإرهابية ملاحق من قبل مخابرات الجيش ولا يمر أسبوع إلا ويتم توقيف إرهابيين».
يتقدم السؤال عن أمن الانتخابات البلدية والاختيارية، ولا يتردد المعنيون في المؤسسة العسكرية في التأكيد ان «الجيش على أتم الاستعداد لحفظ أمن العملية الانتخابية مئة في المئة، وسيؤازر قوى الأمن الداخلي في مهامها».
اما السؤال الأكبر، فهو عن المخيمات الفلسطينية، وتحديدا مخيم عين الحلوة، فلدى مديرية المخابرات داتا كبيرة في هذا المجال. ويبدو جلياً من المعلومات المتوافرة أن «تنظيم داعش الإرهابي يستقطب الشباب في مخيم عين الحلوة بهدف فرض حالة معينة داخله، بحيث يتحول المخيم إلى أحد القواعد الأساسية لداعش في لبنان ومنطلقا للعمليات الإرهابية في المناطق كافة. وفي اللقاءات مع القوى الفلسطينية كلامنا مباشر وصريح معهم لجهة مسؤوليتهم ووجوب حسم أمرهم، فالمطلوب منهم ضبط أوضاع المخيم الداخلية، والا فانه سيدخل في المحظور».
في السياق نفسه، لا تغفل المؤسسة العسكرية لحظة عن تهديدات العدو الاسرائيلي، «فعدوانه قائم عبر خروقاته المستمرة للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، وهناك رصد ومتابعة دائمين لخلايا عملائه، ونتعامل مع التهديد الاسرائيلي على أنه مستمر، والجيش على متابعة ورصد وجهوزية».
يفرد مدير المخابرات اهتماما خاصا لموضوع التنسيق الأمني، وما يسمعه زواره في هذا المجال أن «أبرز أهدافي التنسيق المفتوح مع جميع الاجهزة الأمنية وبلا اسرار او امور مخفية في ما بينها، على ان يكون التنسيق كاملا وخاليا من اي منافسة بين الاجهزة، كون الهدف الاساس حماية لبنان أرضاً وشعباً وصيانة الاستقرار الوطني».
تعي المؤسسة العسكرية جيدا حجم المخاطر المحدقة بالوطن «لبنان يمر في أصعب الظروف بتاريخه نظراً لانتشار الإرهاب بشكل واسع في الدول المحيطة، ونحن نطمئن الى أن الأمن في لبنان حتى الان هو الافضل قياسا الى الدول المحيطة، نتيجة تماسك وقوة الجيش اللبناني، وهو الجيش الوحيد الذي كان سبّاقا في محاربة الإرهاب، لذلك التركيز الكلي هو الحفاظ على هذا المستوى من الأمن والاستقرار والسعي الى زيادة القدرات والإمكانيات تحسباً لكل الاحتمالات».
استناداً الى كل ذلك، «لا خصم او عدو للجيش الا العدو الاسرائيلي والتكفيري وكل من يفكر بالعبث بالأمن والاستقرار في لبنان، من هنا وقوف الجيش على مسافة من كل فرقاء الداخل من منطلق الحرص على المصلحة الوطنية العليا».