IMLebanon

تطوُّرات إقليمية مرتقبة تفترض بالمسؤولين التعالي عن التفاصيل

    حراك أممي – دولي لتحريك التسوية السلمية.. ولتسريع الحلّ السوري

فيما ينشغل الداخل اللبناني بالسجال حول تبعات معارك الجرود وجواز خروج تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» الى الأراضي السورية وفق اتفاق تسوية قضى بإنهاء المعارك، تتبلور عناوين كبرى على مستوى الإقليم ترتفع عن التفاصيل اللبنانية، وجب النظر إليها باهتمام.

يتوقّف مراقبون عند زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى اسرائيل والأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ومن ثمّ الى قطاع غزّة، في محطّة هدفت الى الضغط لإحياء عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، التي توقّفت منذ فشل المبادرة الأميركية الأخيرة في نيسان من العام  2014، إضافة الى تمديد مهمّة قوات اليونفيل في جنوب لبنان سنة إضافية. ويعطف هؤلاء على زيارة غوتيريس، إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه زيارة إسرائيل ولبنان والأراضي الفلسطينية والأردن لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط، في خطاب ألقاه أمام السفراء الفرنسيين تناول أبرز عناوين سياسته الخارجية بعد أشهر معدودة على تولّيه مقاليد الحكم في فرنسا.

وإذ يشير المراقبون أنفسهم الى أنّ هذا الحراك الأممي – الدولي يأتي نتيجة دفع أميركي يطوي رغبة بإيجاد حلّ جديّ للصراع الأساسي في المنطقة لا سيما أنّ زيارة غوتيريس أعقبت زيارة وفد أميركي ضمّ صهر الرئيس دونالد ترامب، جاريد كوشنير ومبعوثه لعملية السلام جيسون غرينبلات، يلفتون الى أنّ الرغبة الدولية بإحياء عملية السلام المتوقّفة منذ سنوات تشكّل جزءا أساسيا من مسار التسويات في المنطقة وتضيء على إرادة هذه الدول في الاستفادة من هذا المومنتوم لتحريك المياه الراكدة في مسار حلّ الدولتين بالرغم من أنّ اسرائيل لا تبدي الحماسة اللازمة للوصول الى هذا الهدف، لكون حكومة بنيامين نتانياهو الذي يقود ائتلافا هو الأكثر تطرفا في معسكر اليمين في تاريخ إسرائيل، مستفيدة من استمرار الوضع على ما هو عليه.

وإلى ملفّ إحياء عملية السلام تمهيدا لحلّ الدولتين، يبرز تعاظم الدور الروسي في ملفّات المنطقة حيث يرى المراقبون أنّ تدخّل موسكو لم يعد يقتصر على تفاصيل الأزمة السورية وتحديد المسار التفاوضي الذي ستسلكه تمهيدا للحلّ السياسي الذي تخطّ روسيا تفاصليه بتكليف لا بل تسليم أميركي واضح، إنمّا تعدّاه ليشمل أزمات المنطقة ككلّ، الأمر الذي تجسّد في الجولة التي قام بها وزير الخارجية سيرغي لافروف في عدد من دول الخليج والتي شملت الكويت والإمارات وقطر في ضوء الأزمة الخليجية مع الدوحة. وبحسب محلّلين سياسيين، فإنّ الجانب السياسي لهذه الجولة يتجسّد بإرادة موسكو في انخراط الدول الخليجية أكثر فأكثر في مسار الحلّ السوري، لا أن تبقى خلف الكواليس، ويحدّدون في هذا الإطار ضرورة الانخراط العربي في مسار الحلّ الذي يُبحث في اجتماعات الآستانة الذي يتكوّن في أساسه من مثلّث روسيا – إيران – تركيا. وربطا بهذا الجانب السياسي، يُرتقب أن توقّع قطر مع روسيا صفقة لشراء صواريخ بالغة الدقة تتفوّق على صناعات عسكرية في الولايات المتحدة وفي دول الاتحاد الأوروبي، ما يشير الى انّ دخول روسيا على خطّ دول الخليج كفيل بتغيير قواعد اللعبة السياسية لاسيما أنّ روسيا وقطر تشتركان في منتج الغاز وبينهما تعاون كبير.

إزاء هذه التطوّرات، ترى مصادر سياسية في لبنان أنّ ما يجري على صعيد إعادة رسم التحالفات في المنطقة قد يشمل أمورا لم تكن في الحسبان في الماضي القريب فيطال مناخ التسويات ترطيب الأجواء بين الرياض وطهران ربطا بمجريات الأمور في كلا البلدين. وتعتبر المصادر أنّ هذا التقارب إن حصل سينعكس مزيدا من الارتياح في الساحة اللبنانية التي يحكم الخلافات فيها سقف لا يُسمح بتجاوزه هو الحفاظ على وحدة الحكومة والحدّ الأدنى من الاستقرار السياسي بعد الاستقرار الأمني الذي ثًبّتت دعائمه من خلال معارك الجرود. ولا تستبعد المصادر أن تكون بعض تطوّرات الجرود المُحرّرة مرتبطا بمناخات الانفراج الإقليمي.