IMLebanon

عودٌ على بدء

عندما دقت ساعة الاستحقاق الانتخابي، بعد التسوية التي أفضت إلى طي صفحة الفراغ في رئاسة الجمهورية ومعها اللعب على هاوية المؤتمر التأسيسي الذي يعيد لبنان إلى مرحلة ما قبل اتفاق الطائف الذي أعاد الحياة إلى الميثاقية الوطنية التي حمت لبنان من ارتدادات وتداعيات ما يجري في الإقليم وحافظت على وحدته الوطنية من ضمن التنوع، طرح حزب الله، وحليفه حركة أمل قانون النسبية كضامن لتمثيل أوسع شريحة من الناخبين، وردَّت قوى 14 آذار على هذا الطرح بأنه يهدف إلى الانقلاب على الطائف واتاحة الفرصة الذهبية أمام الثنائي الشيعي للإمساك بكل مفاصل الدولة في ظل فائض سلاح الحزب، تماماً كما كان الحال في ظل الوصاية السورية وانقلابها على اتفاق الطائف، ثم دخل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي من موقعه الوسطي على الخط نفسه، رافضاً النسبية بالمطلق لتعارضها أولاً مع وثيقة الوفاق الوطني، ولأنها ثانياً تؤدي إلى إلغاء الأقليات كطائفة الدروز الموحدين، وفي المؤتمر العام للحزب التقدمي طرح جنبلاط للخروج من المأزق القائم إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين الساري المفعول أو على أساسه معدلاً إذا كان البعض لا يرى فيه ما يؤمِّن التمثيل الصحيح، وحذّر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في حال الإصرار علي القانون النسبي إدخال البلاد في المجهول.

وفي خضمّ هذا النقاش طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون معادلة صعبة وهو الذهاب إلى الفراغ في حال أصرَّ الأفرقاء على اعتماد قانون الستين في الانتخابات النيابية المقبلة ولوح بالنسبية كونها تضمن صحّة التمثيل وتحافظ على حقوق وتمثيل الإقلية ضمن الأكثرية الطائفية.

وجاء موقف رئيس الجمهورية بمثابة حافز لكل القوى السياسية لتعمل على قانون يرضي الجميع ووقع اختيارها على القانون المختلط، وسارع وزير الخارجية جبران باسيل إلى صياغة مشروع قانون مبني على المختلط لكنه فوجئ بمعارضة الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل وتمسكهما بالنسبية المطلقة ما أوقف متابعة النقاش والحوار حوله، رغم عودة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وقبوله بالمختلط.

لم يعرف أحد الأسباب التي تذرّع بها الثنائي الشيعي لرفض المختلط بعدما قبل به الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر وتيار المستقبل أي معظم القوى السياسية التي تشكّل الأكثرية في المجلس النيابي، فهل المطلوب من هذا الإصرار على النسبية الكاملة، الوصول إلى الفراغ في المؤسسة التشريعية الأهم التي تتفرع منها كل المؤسسات الدستورية الأخرى من مؤسسة رئاسة الجمهورية وإلى مؤسسة مجلس الوزراء وتعود البلاد إلى الفراغ الشامل بحيث لا يبقى هناك من مهرب من المؤتمر التأسيسي الذي طرحه حزب الله قبل أن يقبل الجميع بمرشحه الرئاسي العماد ميشال عون ويجبرونه على انتخابه خصوصاً وأن القانون المختلط لا يأخذ من حقوق الثنائي الشيعي، مثله مثل القانون النسبي الكامل وحتى القانون الأكثري الكامل ما دام حزب الله يملك فائض القوة من دون الآخرين داخل الطائفة الشيعية وخارجها، لا سيما وأن النسبية غير واردة أصلاً في الطائف وفق ما أجمع عليه ما تبقى ممن شارك في اجتماعات الطائف وفي صياغة هذا الاتفاق.