Site icon IMLebanon

تعزيز الوفاق… على إيقاع الحوار

 

ورشة الحوار التي أَطلقها «لقاء الجمهورية» في مؤتمر «تحصين وثيقة الوفاق الوطني ومناقشة الثغرات الدستورية»، شكّلت نافذة ضوء في هذا الظلام المدلهم، وأكدت أهمية الصيغة اللبنانية، أسساً ومبادئ، والحاجة الدائمة إلى تعزيزها وتحصينها، وتنقيتها من شوائب الممارسات السياسية الاستنسابية والمغرضة.

الإعداد لهذا المؤتمر الوطني بامتياز، بدأ إبان ذروة التداعيات السياسية والدستورية الناتجة عن الشغور المتمادي في رئاسة الجمهورية، والإشكالات المتعاقبة التي أثارتها التفسيرات المتناقضة لبعض المواد الواردة في الدستور، حيث ركّز بعضها على تبرير أساليب التعطيل للانتخابات الرئاسية عبر مقاطعة جلسات الانتخاب، وما لحق بهذه الأساليب من مضاعفات أدّت إلى تعطيل السلطة التشريعية، وإقفال أبواب مجلس النواب، كما نجحت في تعطيل السلطة الإجرائية، وتعليق جلسات مجلس الوزراء أكثر من مرّة.

وجاءت التطورات الأخيرة التي أنهت الشغور الرئاسي بانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لتؤكد مدى الحاجة الوطنية الواعية لتحصين وثيقة الوفاق الوطني، واستطلاع إمكانية معالجة الثغرات الدستورية، بعيداً عن حساسيات تنازع الصلاحيات، وفي إطار توضيح المسؤوليات والواجبات، على خلفية الفصل بين السلطات، وتفادياً لتكرار الأزمات السياسية والخضات الدستورية على الساحة الوطنية.

* * *

لقد حرص الرئيس ميشال سليمان على التحضير للمؤتمر، ومتابعة تفاصيل المحاور المطروحة للنقاش، بعناية ودقة بالغتين، لإبعاد «شبهة التعديلات» عن مناقشات الثغرات الدستورية، ولاستبعاد كل محاولات الترويج لعقد «مؤتمر تأسيسي» جديد، وسعي البعض لطي مرحلة الطائف، على اعتبار أن المطلوب هو تصحيح الممارسات السياسية الخرقاء، بتطبيق الدستور نصاً وروحاً، والعمل على سدّ بعض الثغرات التي أظهرتها تجارب الحُكم في السنوات الأخيرة، والتي يمكن تصويبها من دون الذهاب إلى «مؤتمر تأسيسي» هو أشبه بقفزة في المجهول، في ظل الظروف المحلية والإقليمية المتشابكة.

ورسمت كلمات الرؤساء أمين الجميل ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، الخطوط الوطنية لورشة الحوار التي أطلقها «لقاء الجمهورية»، حيث التقى الجميع على ضرورة التمسك بوثيقة الوفاق الوطني، ومعارضة الدعوة لمؤتمر تأسيسي جديد، والتأكيد على أهمية حماية مشروع الدولة من خلال التطبيق الصحيح والسليم لبنود الدستور، من دون استنسابية أو تشويه.

أما التوصيات التي خلصت إليها ورش العمل الثلاث، والتي شاركت فيها ثمانون شخصية من وزراء ونواب حاليين وسابقين، وخبراء دستوريين وأكاديميين، وفاعليات من المجتمع المدني، فيمكن أن تشكّل ورقة عمل لحوار وطني فاعل، سواء في إطار مجلس النواب، أو في حال استئناف جلسات طاولة الحوار في بعبدا، بهدف معالجة بعض الثغرات الدستورية، وتحصين وثيقة الوفاق الوطني، بما يُعزّز صيغة «الوطن – الرسالة» المرشحة أن تصبح نموذجاً لإطفاء نيران الحروب المستعرة، والعودة إلى مفاوضات الحل السياسي… عندما تحين ساعتها طبعاً!