IMLebanon

«قانون» يثير الجدل… أحلاه فتنة

 

نفض وزير الأشغال علي حمية يَده ممّا أُطلِق عليه مشروع «قانون الملكية غير المكتملة» بالقول، إنّ هذا الخبر وَهمٌ وخَيال، إلّا أنّ المثل الرائج في لبنان يقول إنّ «لا دخان من دون نار»، ومن البديهي أن ينطبق على منبع فكرة هذا «المشروع القانون»، الذي خلُص إلى أنّ موظفاً في وزارة الأشغال هو من أطلقها وليس الوزير.

فكيف انطلقت الفكرة، وماذا يقول المعنيِّون وأهل القانون عنها؟ وهل يكون تسريب «مشروع قانون الملكية غير المكتملة» مقدّمة للترويج له قبل أن يصبح واقعاً!؟ إذ إنّ الموقت في لبنان مصيره الدوام.

 

‏عن هذا القانون تقول أوساط قضائية لـ«الجمهورية»، إنّ «المشاعات في لبنان ليست ملكاً للمواطنين تتوارثها الاجيال من جيل الى جيل، وليس وارداً أن تكون كذلك»، موضّحة أنّ «استقرار النازحين اللبنانيِّين على أرض المشاعات تؤشر إلى عدم عودتهم إلى قراهم في المستقبل أو بالأحرى تمهّد إلى استسلامهم. وهنا الخوف من أن تفكّر إسرائيل في وضع يَدها على أراضيهم، متسلّحةً بأنّ أهل الأرض استغنوا عنها!». ولفتت الاوساط في هذا السياق إلى «أنّ للمشاعات أصولها الخاصة ليتملّكها أيّ كان أو لوضع يَده عليها، كما أنّ تملّك مشاعات للدولة بواسطة قانون ليست ممكنة بهذه البساطة».

 

أمّا عن المساعدات والهبات المقدّمة لتشييد المنازل أو حتى المنازل الجاهزة المقدّمة كهبات، فلفتت الأوساط القضائية إلى أنّ «الأولى الاحتفاظ بالمساعدات لصرفها على بناء منازل لهؤلاء النازحين على أراضيهم أو بالقرب من أراضيهم، وعدم تبديدها على مشاعات للدولة لأنّهم سيغادرونها عاجلاً أم آجلاً بحُكم جدلية قانون الملكية غير المكتملة، وهم في الأغلب سيعودون إلى مناطقهم في النهاية».

 

أمّا بالنسبة إلى المنازل الجاهزة المقدّمة كهبة، فالحل في رأي هذه الاوساط «يكون بتوزيع النازحين بنحو مدروس على هذه المنازل ضمن البقع الجغرافية القريبة من بلداتهم، وذلك للحَدّ من أي نزاعات قانونية أو اجتماعية ستتأثر من اختلاف العادات والتقاليد بين منطقة وأخرى».

 

 

فحوى القانون

 

وفي العودة إلى فحوى القانون قبل سحبه من التداول، فهو يُجيز للنازحين من الجنوب ومن الضاحية الجنوبية والبقاع بناء مساكن موقتة في مشاعات الدولة اللبنانية، والخوف من أن تتحوّل تلك المشاعات بعد 5 سنوات مُلكاً لهؤلاء النازحين تحت ما يُسّمى «الملكية غير المكتملة».

 

وتخوفت أوساط معنية من أن يكون هناك أساس أو غاية مبطّنة من الترويج لهذا القانون، منبّهةً من الخطر الذي يُهدّد المشاعات في كافة الأراضي اللبنانية بدءاً من مناطق الشوف، الدامور، بعبدا، المتن، كسروان، جبيل، البترون، الكورة، زغرتا، بشرّي وعكار…

 

الأوساط نفسها تساءلت عمّا إذا كانت فكرة حمية، أو فكرة الموظف في وزارة الأشغال الذي قيل إنّه اقترحها، «صدرت بموافقة من هذا أو ذاك، أو قد تمّ تسريبها بعد موافقة الثنائي الشيعي المعني أكثر من غيره بفكرة المشروع». إذ لا يمكن طرح مشروع بهذه الجرأة من دون معرفة أو موافقة «المعنيِّين» في الوزارة المعنية، مُتخوِّفة ممّا قد يُسبِّبه هذا الطرح من مشكلة داخلية، وهذا ما بدأ فعلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتشار هذا المقترح والتداول به إعلامياً.

 

مشروع فتنة

 

 

‏أهل القانون يعتبرون أنّ هذا المقترح في حال أصبح واقعاً، فيسمّى احتلالاً للمُلك العام الذي لا يجوز التنازل عنه تحت أي منطق أو عذر، وهو خرق فاضح للقانون والدستور. وفي السياق أوضح رئيس «حركة الأرض» طلال الدويهي لـ»الجمهورية»، «أنّ الطرح في الأساس غير قابل للولادة لأسباب عدة أبرزها أنّ المشاعات على الأراضي اللبنانية تُقسّم إلى ثلاث ملكيات: مشاعات أميرية، ومشاعات البلديات، ومشاعات أبناء القرى والبلدات».

 

بالنسبة إلى المشاعات الأميرية، فهي أملاك للدولة اللبنانية منذ أيام الأتراك، وبموجب مذكرة وزير المال السابق علي حسن خليل والتي تحمل اسم «جمهورية لبنان»، لكن لم يصدرعن مجلس النواب قانون في شأنها حتى الآن. علماً أنّ مساحة 3900 كيلومتر مربّع من الأراضي في لبنان، بحسب الدويهي، غير ممسوحة ومصنّفة أميرية، بلديات أم لعموم أبناء القرى. وهذا ما تمتاز به محافظة جبل لبنان…

 

أمّا مشاعات البلديات فهي أملاك تديرها البلديات، وتبقى مشاعات أبناء القرى والبلديات التي يملكها عموم أبناء البلدات والقرى أملاكاً حصرية لهم، متوارثة من جيل إلى جيل، وهذه الأملاك لا يحقّ لأحد وضع يَده عليها تحت أية مسمّيات.

 

 

الرواية انطلقت من الجبل

 

في السياق، يكشف الدويهي أنّ الرواية انطلقت من الجبل ومن مناطق الشوف وعاليه وانتشرت وتوسعت ووصلت إلى مناطق جبل لبنان وكسروان وجبيل، وقد لاقت اعتراضاً واسعاً لدى الطائفة الدرزية خشيةً على مشاعاتهم…

 

من جهة أخرى، كشف الدويهي عن خطورة 5800 اعتداء على عقارات في مشاعات عدة، حصلت بعد صدور مذكّرة الوزير السابق علي حسن خليل، وتحديداً عند الفراغ الرئاسي، ولم تتمّ معالجتها بسبب الغطاء السياسي للذين اعتدوا على تلك العقارات…

 

وكشف الدويهي أيضاً عن مفاتحته كافة الأطراف في مشروع «قانون الملكية غير المكتملة»، حيث استفسر عن رأيهم فيه، فاكتفوا بالصمت العلني، لكنّهم في المقابل تخوّفوا ضمناً وبحذر من مشروع فتنوي، ومن أنّه، تحت شعار «عمل إنساني»، نخلق حالة من التغيير الديموغرافي ومشروع فتنة يلوح في الأفق القريب ـ البعيد.