Site icon IMLebanon

النبي محمد والأقباط

التنظيمات الارهابية التكفيرية، مثل «القاعدة» و«داعش» و«جبهة النصرة» وغيرها من التنظيمات المشابهة،التي تقتل وتحرق وتغتصب وتدمر، وتدين وتشرّع، تحت راياتها السود وباسم الاسلام، هي اول عدو للاسلام في مضمونه الحقيقي، الوارد في القرآن، وفي الحديث، وفي السير النبوية، وأكاد أجزم بأن قادة هذه التنظيمات وامراءها وشيوخها، أما انهم مثل عناصرهم لا يفقهون من الدين الاسلامي سوى ما يفسرونه ويحورونه لمصالحهم الشخصية، ويتجاهلون تماماً الآيات والاحاديث والسير، التي تعكس ما في الاسلام، من ود تجاه الآخر المختلف، وخصوصاً تجاه المسيحيين الذين سبقوا الاسلام الى عبادة الله بديلاً عن الاوثان، وأما انهم يعرفون كل شيء، ولكنهم تجندوا او جندوا، ليهدموا الاسلام والمسيحية على السواء، بعد ضربهم بعضا ببعض، واقامة جدار كبير من الدم والحقد بين هذين الدينين السماويين.

في هذه المقالة، لن اعود الى القرآن، لأعدد الآيات المتعلقة بالمسيحيين وبعيسى المسيح والعذراء مريم، والقساوسة والرهبان والاديرة، وغير ذلك الكثير، لأن العديد من المؤرخين والكتّاب والباحثين، كتبوا فيها وأسهبوا، ما يهمني اليوم، هو الاضاءة ولو باختصار على علاقة الاسلام والنبي محمد وحفيده الامام الحسن بالاقباط المسيحيين في الحبشة ومصر، منذ بداية دعوة النبي محمد، والوصية الموثقة التي تركها النبي قبل وفاته الى اتباعه الذين كانوا على ابواب فتح مصر، ومن يشاهد في هذه الايام صور شبان اقباط يجرهم سفاحو «داعش» الى الذبح كالغنم، يشعر بمدى الظلم اللاحق بأبناء هذه الطائفة الذين كانوا أول من فتح ابوابه بوجه المهجرين المسلمين الفارين الى الحبشة، هرباً من بطش الوثنيين، ونزولهم ضيوفاً معززين على المقوقس امبراطور الحبشة القبطي، ولن اتناول ما دار بين النبي محمد والمقوقس من تبادل للرسائل، وهذا امر معروف من الجميع، ولكن ما ليس معروفاً، ربما من كثر، وخصوصاً من «مسلمي القاعدة وداعش» نص وصيته الى اتباعه الذين كانوا يتأهبون لفتح مصر، حيث ينقل «صحيح مسلم» في «باب وصية النبي بأهل مصر» فيقول نقلاً عن حديث لابي ذرّ الغفاري قول الرسول «الله الله في اهل الذمة»، اهل المدرة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم نسباً وصهرا..» وكان النبي محمد يشير بقوله هذا الى زوجته ماريا القبطية التي انجبت له ابنه الوحيد ابراهيم الذي توفي في عمر سنتين، وحزن عليه محمد حزناً شديداً وبكاء مراً» على ما ورد في كتاب الدكتورة عائشة عبدالرحمن المعروفة ببنت الشاطئ، واردف النبي محمد قائلاً لقواده «انكم ستفتحون مصر، فأحسنوا الى اهلها، فإن لهم ذمة ورجاء وصهرا…» وقد جاء في «صحيح مسلم» ان الامام الحسن بن علي طلب الى معاوية في مفاوضات الصلح بينهما، ان يرفع الخراج عن أهل قرية «حضن» المصرية، وفيها خئولة ابراهيم ابن ماريا، كما يقال ان عباده بن الصامت، لما جاء مصر، بعد فتحها، بحث عن تلك القرية وسأل عن موضع بيت ماريا، فبنى فيه مسجداً، وجميع هذه الاحداث والوصية موثقة في كتاب «نساء النبي» لبنت الشاطئ.

هؤلاء التكفيريون الاغبياء الجهلة، ومن «يرشدهم» الى الخطأ والجريمة، هل قرأوا وصية النبي، وتجاهلوها ام انهم لا يقرأون، واذا قرأوا لا يفهمون، ولماذا لا يعمد الازهر في مصر الى تعميم هذه الوقائع والحقائق على مساجد مصر والعالم العربي ومسلميها، بغرض تشكيل جبهة اسلامية شعبية واعية في وجه التنظيمات الارهابية التي تشوه الدين الاسلامي وتحرفه، وتجعل منه ديناً قائماً على القتل والذبح والتهجير والتدمير.

مجلة «دابق» الناطقة باسم تنظيم الدولة الاسلامية حرضّت المسلمين في مصر على ابادة الاقباط، فرد عليها ايمن الظواهري زعيم القاعدة، اننا لا نريد ان ندخل الآن معهم في حرب لأننا شغوفون بالمعركة ضد اميركا اكبر عدو للمسلمين بما يعني ان القصة قصة وقت…