ما يزال لبنان يبحث في أروقة القِمم العربية والدولية، وفي كلّ مكان يتوجّه إليه مسؤلوه، عن حلٍّ لأزمة النازحين السوريين التي تبدو حتّى الساعة عاصيةً على الحلّ.
ستُشكّل شرَم الشيخ والكويت، محطّتين بارزتين في طرح أزمة النازحين السوريين، إذ إنّه لم يعُد بمقدار لبنان، تحمُّل عبء هذا الملفّ وحيداً، فمِن جهة، يُرخي الوضع الأمني السوري بثقلِه على الساحة اللبنانية، ومن جهة أخرى، هناك المعاناة الإنسانية التي تفوق بضخامتها مسألة ما بعد نكبة الـ1948، حيث فتحَ بلدنا ذراعيه لإيواء اللاجئين الفلسطينين الذين كانوا أحد أسبابَ اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، ولم يجِد المجتمع الدولي حلّاً لهذه المسألة حتى الآن.
أمام المعطى الأمني والإنساني للأزمة السورية، يحتاج لبنان إلى مساعدات لتقوية جيشه وقواه الأمنية لمواجهة التطرّف والإرهاب، وإلى مساعدات اقتصادية لتحمّل تكاليف النزوح الباهظة، التي لا أفق لحلّها قريباً، خصوصاً أنّ الاقتصاد اللبناني يرزَح تحت وطأة الركود والعجز في الميزانية العامة، نظراً إلى غياب عامل الاستقرار الأمني وعدم انتخاب رئيس للجمهورية.
لن يوفّر رئيس الحكومة تمّام سلام، فرصةً لمطالبة المجتمع العربي والدولي بتحمّل مسؤوليته في هذه الملفات. ولهذه الغاية، سيُسافر إلى شرم الشيخ السبت،للمشاركة في أعمال القمّة العربية، وينظر بإيجابية إلى احتمال مساعدة لبنان، على رغم أنّ معظم الدوَل العربية تعاني المشاكل والهزّات، وتحارب قدرَ الإمكان للصمود في وجه التحدّيات.
سيُركّز سلام في كلمته على ضرورة دعم لبنان في حربه ضدّ الإرهاب، والمساعدة على تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، واستعجال حلّ الأزمتين السورية والعراقية، لِما لهما من انعكاسات سلبية على المنطقة بأكملِها، ووضع خطّة عربية مشترَكة لمكافحة الإرهاب والتصَدّي للتكفيريين عبر دعم الاعتدال وتقويته في كلّ أنحاء العالم العربي.
هذا على الصعيد السياسي الداخلي والإقليمي، أمّا ملفّ النازحين، فسيحضر بقوّة في كلمة سلام، إذ إنّه حَضّرَ مطالعةً في هذا الموضوع، وهو سيدعو إلى شراكة عربية حقيقيّة لتحمّل ارتدادات هذا الملف، إذ إنّ لبنان يتحمّل وحيداً عبءَ النزوح.
فهو عانى سابقاً من القضية الفلسطينية، ويتحمّل الآن مشاكل الأزمة السورية، ولا نعرف ماذا ينتظرنا غداً وأيّ أزمةٍ ستنعكس سلباً علينا، لذلك، لن يتوانى سلام في كلمته عن طلب مساعدة مادّية وأمنية لحلّ ملف النازحين، وطلب مساعدة الدوَل العربية.
بعد الانتهاء من القمّة العربية، سيتوجّه سلام الثلثاء المقبل إلى الكويت ليلقيَ كلمة لبنان في مؤتمر الكويت المخصّص للنازحين. وهناك خطّة عمل سيعرضها ليأخذ لبنانُ المساعدة على أساسها.
وسيطلب مبلغَ مليارين ومئة مليون دولار ستتوزّع بنسبة 37 في المئة لخطط الاستقرار الداخلي وتأهيل البنى التحتية للتمكّن من تحمّل هذا العبء، و73 في المئة، ستُصرَف كمساعدات إنسانية وأعمال إغاثة، وستشمل هذه المساعدة مليون لبنانيّ بحاجة إلى النظر في وضعِهم المعيشي.
وفي هذا السياق، يُبدي وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس تفاؤله من مؤتمر الكويت، ويؤكّد لـ»الجمهورية» أنّ «المساعدات كانت تأتي عبر الجمعيات وهيئات الإغاثة، لكن سيتمّ حصرُها بالدولة لإعادة توزيعها على الجميع بالتساوي»، لافتاً إلى أنّ «المجتمع الدولي أبدى تفهّماً لمشاكلنا، وخطة الكويت إذا وافقوا عليها ستعطي جرعةَ دعمٍ للبنان، لكنّ هذا الملفّ يحتاج إلى حلّ جذريّ، لأن تركيبة لبنان لم تعُد قادرةً على تحَمّل هذا العبء مع ما يُسبّبه من تغيير في الديموغرافيا، وهذه مشكلة تَتنبَّه لها الحكومة اللبنانية، ونَطرحها مع كلّ المسؤولين العرب والأجانب».
تعقدُ الحكومة اللبنانية الآمال على مؤتمر شرم الشيخ كمظلّة سياسية، والكويت كمظلّة إقتصادية، تحميان لبنان، لكن الحلّ الأساس هو بإنهاء معاناة النازحين وعودتِهم إلى بلادهم.