IMLebanon

إقتراح رئيس جمهورية لسنة واحدة صفعة للموقع المسيحي الأول

في الوقت الذي لا تزال فيه أبواب الاستحقاق الرئاسي مغلقة مع دخول الشغور شهره العاشر، في ظل عدم ظهور أي مؤشّرات توحي بإمكانية إحداث أي ثغرة في الجدار المسدود، يكثّف رئيس الحكومة تمام سلام مشاوراته مع جميع الأفرقاء بحثاً عن مخرج لأزمة آلية عمل مجلس الوزراء وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل حصول الخلاف الأخير على هذه الآلية، بحيث يعود مجلس الوزراء من جديد لعقد جلسة له هذا الأسبوع، بعدما يكون الرئيس سلام قد حصل على تعهّد من جميع المكوّنات السياسية الممثّلة في حكومته بعدم التعطيل عند اتخاذ أي قرار مهما كانت طبيعته، واستخدام «الفيتوات» المتبادلة بين الوزراء، في سياق المماحكات السياسية التي لا تؤدي إلا إلى شل مجلس الوزراء المؤسّسة الدستورية التي تكاد تكون الأخيرة القائمة، بعد الفراغ في رئاسة الجمهورية وعدم انعقاد المجلس النيابي ليقوم بدوره التشريعي، ما يؤدي إلى مؤشّر بالغ الخطورة يتمثّل بتوقّف عجلة المؤسّسات الشرعية وشلل الدولة ككل، وذلك في موازاة تزايد المخاطر الداخلية جراء التهديدات الإرهابية وتزايد الحديث عن استحقاقات عسكرية ما بعد ذوبان الثلج وربيع ساخن ومعارك منتظرة على سلسلة الجبال الشرقية، هذا بالإضافة إلى المخاوف من عودة مسلسل الاغتيالات الذي يطلّ برأسه من جديد.

وفي حين كثرت الدعوات الداخلية والإقليمية والدولية للتسريع في إجراء الانتخابات الرئاسية وتطبيق الدستور بالشكل الصحيح في هذا الاستحقاق، توقّفت الأوساط السياسية عند الاقتراح الذي أعلنه الرئيس السابق للمجلس النيابي حسين الحسيني، والذي دعا فيه إلى انتخاب رئيس مؤقّت للجمهورية لمدة سنة كمرحلة انتقالية لإجراء انتخابات جدية بقانون انتخابي جدي في ظل رئيس تنتهي مدته خلال سنة، مشدّداً على أن لا حل لأزمة لبنان إلا من خلال انتخابات نيابية حقيقية تؤمّن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب وأجياله. ورأت هذه الأوساط السياسية أن هذا الاقتراح، عدا أنه لا يتوافق مع أحكام الدستور الذي يقول بضرورة انتخاب الرئيس العتيد لست سنوات، فإن القوى السياسية، ولا سيما المسيحية منها كونها المعنية بشكل مباشر في هذا الاستحقاق، لا يمكن أن تقبله، خصوصاً أن بكركي والقيادات المارونية السياسية والروحية كانت رفضت في الماضي اقتراحات بانتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنتين أو ثلاث سنوات، مشدّدة على أن السير في مثل هكذا صيغة ستكون كصفعة للوجود المسيحي في البلد وانتقاص من المقام المسيحي الأول في الجمهورية اللبنانية، ما يؤدي إلى حالة إحباط وخيبة في الساحة المسيحية التي تعاني ما تعانيه جراء ما يحلّ بالمسيحيين في المنطقة. واعتبر أن مجرّد التوافق على انتخاب الرئيس لسنة واحدة يمكن أن يتم لانتخابه لست سنوات وطي صفحة هذا الاستحقاق المتعثّر منذ نحو سنة، بدل اللجوء إلى الاحتيال على الدستور وخلق أعراف جديدة وغير دستورية من شأنها إعطاء المسكّنات للأزمة وتأجيلها، بدل فرض الحلول اللازمة التي تؤدي إلى معالجتها بشكل جذري. وذكرت أن الدستور واضح في مثل هذه الحالات كون عملية انتخاب الرئيس العتيد لا تحتاج إلى الكثير من التفسيرات، بحيث يتم تأمين النصاب القانوني للانتخاب، وبالتالي، فإنه على من يعملون على عدم حصول هذا النصاب الحضور إلى المجلس النيابي والقيام بالدور المطلوب منهم وانتخاب رئيس الجمهورية من بين الأسماء المرشّحة والتي باتت معلومة من الجميع، وعدم التوقّف عند المصالح الشخصية الضيقة التي تمنع وصول هذا الاستحقاق إلى خواتيمه الإيجابية.

وفي هذا السياق أيضاً، توقّفت الأوساط نفسها عند النداء الذي أطلقه الرئيس سليم الحص إلى كل القوى السياسية، والذي دعاهم فيه إلى التقيّد باتفاق الطائف، لأنه ما زال السند الوحيد الذي يحافظ على الجمهورية، وحذّر في الوقت نفسه من المخاطر المحدقة في حال تجاهله أو تجاوزه. ورأت الأوساط أن هذا النداء يجب أن لا يبقى صرخة في وادٍ، بل يجب أن يأخذه السياسيون في عين الاعتبار لا سيما من يعملون على إبقاء الدولة من دون الرأس المسيحي.