Site icon IMLebanon

اقتراح قانون لإسقاط حق الناجحين بمباريات الخدمة المدنية: «الميثاقية» تَضرب من جديد

 

استخدم تكتل «لبنان القوي» آخر أسلحته في قضية الناجحين بالوظائف العامة عبر مجلس الخدمة المدنية. فأول من أمس، قدم نواب «العهد» اقتراح قانون بصفة «المعجل المكرر» مهمته «سلب» هؤلاء حقهم بوظائفهم، من خلال المطالبة بإلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 80 من قانون الموازنة العامة، معيدين بذلك فتح باب المواجهة في المجلس النيابي تحت عنوان الحرص على «الوفاق الوطني»

 

من بوابة «المعجّل المكرّر»، عادت قضية الفائزين بمباريات مجلس الخدمة المدنية إلى حلبة صراع «الميثاقية». فأوّل من أمس، تقدّم تكتل لبنان القوي، باقتراح قانون ــــ بصفة العجلة ــــ يرمي إلى إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة 80 من القانون 144 (الموازنة العامة والموازنات الملحقة لعام 2019) التي «تحفظ حق الناجحين في المباريات التي أجراها مجلس الخدمة المدنية بناءً على قرار مجلس الوزراء (…)». فبرغم إقرار الموازنة العامة، لم يهضم «لبنان القوي» تلك الفقرة، فلجأ إلى آخر المواجهات في المجلس النيابي، لتحصيل الحد الأدنى «من الوفاق الوطني»، على ما يقول النائب حكمت ديب. يحدث ذلك، بعدما كان قد مرّ «الشوط الأصعب» المتمثّل بإقرار هذا البند في لجنة المال والموازنة النيابية ومن ثم التصويت على الموازنة، والتي تمت مناقشتها والتصديق عليها بحضور نواب «العهد».

لكنها فرصة أخيرة يعوّل عليها التكتل، والتي من المفترض أن «يحصد» نتائجها في أول جلسة عامة يعقدها المجلس النيابي. وهنا، يقف التكتل أمام سيناريوين لا ثالث لهما، فإما نيل الاقتراح أصوات الأكثرية الحاضرة ليصبح قانوناً نافذاً تسقط معه حقوق 935 متبارياً فائزاً، وإما الإقرار بالأمر الواقع. وفي الوقت الذي يشدّ فيه التكتّل صوب السيناريو الأول، يستبعد أعضاء آخرون في الكتل النيابية الأخرى حصول اقتراح «لبنان القوي» على الأكثرية، على قاعدة أن من «كان مع هذا الحق وصدّق عليه، لن يتراجع الآن»، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر نواب حركة أمل وحزب الله والحزب الاشتراكي وتيار المستقبل.

لكن، بعيداً عما ستؤول إليه «النتيجة»، يستفيض أعضاء التكتل في الحديث عن «الأسباب الموجبة» التي دفعت إلى اللجوء إلى هذا الخيار. ينطلق عضو تكتل لبنان القوي، حكمت ديب، في حديثه عن «اللغط» الذي رافق إقرار المادة 80 في الهيئة العامة. يومذاك، خرج نواب التكتل، وهم مقتنعون بأن المادة أقرّت كما وردت من الحكومة، أي من دون الفقرة الأخيرة. ويشدّد ديب على أنه كان «هناك وعد بمعالجة هذا الموضوع، إلا أننا فوجئنا بأنها أدرجت، الأمر الذي دفعنا إلى تقديم هذا الاقتراح».

لكنه ليس سبباً واحداً، فثمة أسباب أخرى هي في صلب القانون المقترح، وأسباب التكتل فيها تنطلق من المادة 95 من الدستور اللبناني، وهي المادة نفسها التي طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من المجلس النيابي تفسيرها وصوغ «قراءة مجلسية» في شأنها. وبحسب ديب، إن كانت هذه المادة تقرّ بـ«إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي واعتماد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني، باستثناء وظائف الفئة الأولى (…)»، إلا أن ذلك الإلغاء يأتي ضمن «المرحلة الانتقالية التي تعقب تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية»، يقول ديب. بعد تطبيق الدستور «يمكن الحديث عن إلغاء المناصفة». أما ما يحدث اليوم، بحسب الأخير، فهو خرق الدستور، ذلك أن «الإخلال بالتوازن الطائفي، كما هو حاصل اليوم، يتناقض مع مبدأ الميثاقية والوفاق الوطني». وتصحيح «الاختلال»، بحسب ديب، يوازي تحصيل حقوق الأقليات «مش 87 مقابل 13. يعني 40 بـ 60 مقبولة و45 بـ 55 منيحة». باختصار «يا واش يا واش، المطلوب إنو نطوّل بالنا على بعض ونتجه صوب إنصاف حقيقي».

 

ينطلق التكتل من المادة 95 من الدستور، وهي نفسها التي طلب رئيس الجمهورية من رئيس المجلس النيابي تفسيرها

 

من ديب إلى آخرين في التكتل، ثمة سؤال واحد عن الكيفية التي يتعاطى بها المسؤولون مع الدستور. يحار هؤلاء في تطبيق مبدأ المناصفة في الأسلاك العسكرية مثلاً، فيما يُمتنع عنها في الوظائف في الإدارات العامة. سؤال مشروع، ولكن في مقابل هذا السؤال، ثمة علامات استفهامٍ كثيرة يطرحها نواب من كتل أخرى تبدأ بقبول من كانوا في الطائف ومن أتوا بعده بإلغاء المناصفة ــــ ما دون الفئة الأولى ــــ على مدى أكثر من عشرين سنة ولا تنتهي بتهليل التكتل نفسه لبعض المباريات التي أجريت أخيراً عبر مجلس الخدمة المدنية وشيطنة مباريات أخرى. فهل يجوز في حالة إذا كانت النتيجة «تعجب التيار الوطني الحر» ــــ وإن مصادفة ــــ التغاضي عما تقوله المادة 95؟ والسؤال هنا موصول بما حدث أخيراً في مباراتين من المباريات التي يطلب التكتل إسقاط حق الناجحين فيها، وهما مباراتا الفئة الثالثة في وزارة المالية ووزارة الخارجية، حيث جرى إلحاق هؤلاء بوظائفهم لتحقيق عامل المناصفة (المالية 4 مسيحيين و5 مسلمين، والخارجية 11 مسيحياً و7 مسلمين). فلماذا الاستنسابية في اللجوء إلى المادة 95؟ ولماذا لم تطبق هذه المادة على الناجحين في هاتين المباراتين. وهنا، يشير أحد أعضاء الكتل النيابية المؤيدة لحق الناجحين الى أن «هناك من اعترض على وزير المال والحكومة لحظة إقرار هذين المرسومين، وكان الطلب هنا إما أن تمشي كل المراسيم أو يلغى هذان المرسومان». يضيف النائب إن ترجمة ذلك الاعتراض «ستكون في الجلسة العامة التي ستعقد للتصويت على قانون تكتل لبنان القوي المقترح». يبدو شبه حاسمٍ في مسألة التصويت «ضد القانون، لأن اللي أيّد هذا الحق في البداية لن يتراجع عنه اليوم». وهو موقف تتجه له كتل أخرى.

في مقابل تلك المواجهة المنتظرة، يستكمل الناجحون المعلّق حقهم منذ ما يزيد على خمس سنوات ما كانوا قد بدأوه أصلاً، من خلال توسيع مروحة جولاتهم على الكتل النيابية، ومن المفترض أن «نجتمع مطلع الأسبوع المقبل مع كتلة التنمية والتحرير، على أن نستكمل نشاطنا في الشارع»، تقول العضو في لجنة المتابعة، ملاك شبشول. أما مجلس الخدمة المدنية، فـ«ينأى» بنفسه عن تلك المماحكات، على اعتبار أن الدستور واضح، وحق الناجحين مقدس ومحفوظ. هذا ما دأب عليه المجلس طويلاً، وما هو مستمر إلى الآن.

يشار إلى أن المتقدمين باقتراح القانون هم النواب: جبران باسيل، إبراهيم كنعان، سيزار أبي خليل، إدي معلوف، ميشال معوض، جورج عطا الله، سليم عون، حكمت ديب، أسعد درغام وأنطوان بانو.