462 مليار ليرة هو المبلغ المقدّر لعائدات ضريبة الـ5 آلاف ليرة التي اقترح فرضها على صفيحة البنزين رئيس الحكومة الأسبق ووزير المالية الأسبق فؤاد السنيورة، بحسب أحد اصحاب الشركات النفطية في لبنان، وفيما يجري الحديث عن أن هذا الاقتراح يساهم في دعم الخزينة العامة في ظل انخفاض سعر المحروقات، تُحذّر الجهات المعنية من تنفيذ الإقتراح من دون دراسة دقيقة، تأخذ بالاعتبار الكلفة على الناس والاقتصاد، ذلك أن الأيام المُقبلة ستشهد ارتفاعا في أسعار النفط الخام
«كل دولار يزيد على سعر برميل النفط الخام، يزيد بمعدّل 8 دولارات على سعر البنزين»، يقول صاحب إحدى الشركات النفطية في لبنان. وصل سعر برميل النفط الخام، أمس، الى 35 دولارا أميركيا بعدما كان 27 دولاراً. «هذه الزيادة تمثل ارتفاعاً في سعر البنزين بنحو 5 آلاف ليرة لبنانية التي يريدون فرضها»، بحسب صاحب الشركة، الذي يُشير الى أن سعر البنزين في لبنان لن ينخفض في الأيام المُقبلة، «بل على العكس، من المتوقّع أن يرتفع عند بداية شهر آذار».
هذا الحديث يُعد مهما في ظل الاقتراح الذي قدّمه وزير المالية الأسبق الرئيس فؤاد السنيورة خلال جلسة الحوار، أول من أمس، إذ دعا الى استعادة الرسم المُطبّق على البنزين «بأقصى سرعة (..) تمكينا للخزينة من تحقيق بعض الدخل الإضافي لتعديل التراجع الكبير في الواردات».
يستهلك لبنان نحو 92 مليونا و400 الف صفيحة بنزين سنويا، أمّا زيادة الـ5 آلاف ليرة لبنانية على كل صفيحة، فمن شأنها أن تؤمن نحو 462 مليار ليرة، بحسب صاحب الشركة النفطية، الذي يلفت الى «أن المبلغ ليس بسيطا، وهو يخدم سياق تنفيذ المشاريع الوهمية وصفقات السرقة وغيرها».
إلّا أن نقاش جدوى تنفيذ هذا الإقتراح لا يتعلّق بـأزمة الثقة بالـ «دولة» وبالتالي مدى استثمارها لهذه العائدات في «الصالح العام». النقاش يدور حول إذا ما يُعد تنفيذ هذا الإقتراح من دون آلية واضحة مُنصفا للمواطنين الذين «استبشروا» خيرا بانخفاض لافت لأسعار المشتقات النفطية.
يقول رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس أن شركات الطيران خفّضت أسعارها نتيجة انخفاض اسعار المحروقات، كذلك زيد وزن ربطة الخبر ربطا بسعر المازوت، الذي يدخل في صناعة الخبز مباشرة «فيما لم تتغيّر اسعار البضائع التي تعتمد في توزيعها وتصنيعها على المحروقات».
بدءا من أول الشهر المُقبل، سيُخفض سعر ربطة الخبز عبر زيادة وزنها 50 غراما، وفق ما أعلن وزير الإقتصاد والتجارة، أول من أمس. هذه الزيادة لا تُحدث فرقا واضحا وليست ذات تأثير فعلي على أصحاب الأفران «مقارنة بإنخفاض سعر المحروقات الذي يُعدّ عاملا مهما ومربحا»، على حد تعبير مدير فرن «شمسين» رياض السيّد. برأي الأخير، هي ليست المرّة الأولى التي تُقدم فيها نقابة أصحاب الأفران على هذه الخطوة، إذ سبق أن أعلنت منذ مدة زيادة 50 غراما أيضا، وهو كلام يتوافق وما قاله رئيس النقابة كاظم ابراهيم أول من أمس، خلال المؤتمر الصحافي المُشترك مع حكيم، الذي لفت فيه الى أنها المرة الثانية التي يُزاد فيها الوزن 50 غراما، أي هناك زيادة 100 غرام منذ بدء انخفاض أسعار المحروقات، طبعا لم يتحدث احد عن عدد المرات التي خفّضت فيها النقابة وزن الربطة حتى هُزلت، او عدد المرات التي زاد فيها السعر، لكن أهمية كلام السيّد تكمن في «الإعتراف» بأن زيادة الوزن فعليا لا يمكنها أن تُصوّر على أنه تدبير مناسب يُتخّذ في حال انخفاض سعر المحروقات الذي بقي مرتفعا سنوات طويلة، وبالتالي «الالتهاء» عن المُطالبة بخفض بقية البدلات المرتبطة بها، من بينها بدلات النقل العام.
إعادة النظر في مسألة بدلات النقل العام ضروري، بحسب شمّاس، لكنه يُشدّد على أن الآلية التي يجب اعتمادها يجب ان تكون على «اسس علمية»، متسائلا: «ماذا لو رُفعت الأسعار فيما بعد هل سيعاد رفع بدلات النقل؟»، مشيرا إلى ان هذا الأمر يخلق واقعا غير مستقر في الأسعار «وهو أمر غير صحي»، مُضيفا: «اذا اعتُمد خفض البدلات حاليا على اسس غير دقيقة وغير مدروسة، وعاد وارتفع سعر النفط فيما بعد، فإن هذا لن يكون منصفا او عادلا للكثير من الجهات المعنية».
يقول حكيم في اتصال مع «الأخبار»، إنه أرسل كتابا الى وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر تمنّى فيه إعادة النظر في تعرفة النقل العام نظرا لانخفاض أسعار المحروقات. يلفت حكيم الى ان وضع مخططات وتصوّرات حول خفض بدلات النقل ليس من صلاحية وازرة الإقتصاد «إلا أنني قمت بدور الوسيط بين الناس الذين يطلبون من الوزارة خفض بدلات النقل والوزارة المعنية في هذا الطلب.
بدوره، يرى رئيس اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية عبد الأمير نجدي أن الأمر لا يقتصر على سعر البنزين فحسب، برأيه «خفض البدلات على النقل العام ربطا بانخفاض سعر المحروقات اسوة بما كانت عليه تعرفة النقل قبل ارتفاع سعر المشتقات النفطية، يجب ان يلحظ ان تكلفة الوضع المعيشي حينها (في الفترة التي كانت فيها اسعار المحروقات متدنية) ليست هي نفسها على السائقين الآن، لافتا الى ان السائقين «يُطالبون منذ عام 2011 بتثبيت سعر صفيحة البنزين على الـ25 الف ليرة من دون ان يجدوا آذانا صاغية».
يلفت نجدي الى انه في عام 2008 كانت تنكة البنزين ب23ـ ألف ليرة وكان بدل النقل (السرفيس) بـ 2000 ليرة، عام 2013 وصل سعر الصفيحة الى 37 الف ليرة وبقي البدل هو نفسه «من عوّض علينا؟ السنيورة؟ حتما لا». وقال نجدي إن النقابة بصدد إعداد ملف إستعدادا للاجتماع مع كل من وزير الاشغال العامة والنقل ووزير الاقتصاد موضحا: «قبل ما يتفقوا معنا، ما حدا بيخفّض شي».
لا تصلح المُقاربة بين مسألة زيادة وزن ربطة الخبز التي يُمثّل المازوت نحو 10% الى 15% من سعرها وخفض بدلات النقل العام، بحسب صاحب الشركة النفطية، «لأن زيادة الوزن لا تُحدث فرقا لافتا اولا، ولأن أسعار المازوت تنخفض عادة عند بداية شهر آذار خلافا للبنزين». ليس المقصود، بحسب المصدر نفسه، مُناهضة اقتراح خفض بدلات النقل، لكن اقتراح فرض ضريبة الـ5 آلاف ليرة على البنزين في ظل غياب آلية واضحة وفي غياب واقع مستقر سيجعل من مسألة خفض البدلات تواجه عوائق جدية على أمل ألا يدفع المواطن ثمنها، كما جرت العادة.
وكانت وزارة الطاقة والمياه قد أعلنت، أول من أمس، انخفاض سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان و98 أوكتان وقارورة الغاز 200 ليرة وصفيحة المازوت والديزل 400 ليرة، وصفيحة الكاز 500 ليرة. وأصبحت أسعار المحروقات على الشكل التالي: بنزين 95: 19800 ليرة / بنزين 98: 20400 ليرة/ مازوت: 9700 ليرة/ ديزل: 9900 ليرة/ كاز: 10 آلاف ليرة/ غاز: 12100 ليرة.