يسعى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، إلى تحصين الجبل في هذه المرحلة الصعبة، نظراً لقلقه وهواجسه التي يعبّر عنها باستمرار أمام أصدقائه وزواره، علماً أن هذا القلق يعود إلى استشرافه لمسار التطورات العسكرية والسياسية في المنطقة المحيطة بلبنان، وبالتالي، فهو يتحدّث في مجالسه الخاصة، وبحسب مقرّبين منه، عن زيادة العوائق والصعوبات أمام تسوية الأزمة السياسية في لبنان بدءاً بخطوة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويقول هؤلاء، أنه من هذا المنطلق أتت في الأساس عملية مصالحة الجبل، كما التجديد على تكريس هذه المصالحة في العام الحالي، مع ما تحمله هذه الخطوة من دلالات ومعانٍ تتخطى الإطار المسيحي ـ الدرزي في الجبل إلى كامل مساحة الوطن. ويكشف المقرّبون عن ارتياح شديد لدى جنبلاط للمسار الذي سلكته كافة محطات هذه المصالحة، ويلفتون إلى أنه لمواصلة مفاعيلها بادر أخيراً إلى إعادة ربط العلاقة مع بعض القوى السياسية في فريق 14 آذار، ولا سيما «القوات اللبنانية»، وذلك في إطار التواصل الحثيث القائم بين الطرفين، وخصوصاً عبر اللقاء الأخير بين الدكتور سمير جعجع ووفد منظمة «الشباب التقدمي»، والذي أتى ليكرّس متانة العلاقة بين القوات والإشتراكي.
في المقابل، يتابع المقرّبون من جنبلاط، أنه يحرص على مواصلة المشاركة ودعم الحوار الوطني الذي أطلقه رئيس مجلس النواب نبيه بري، على الرغم من كل الحواجز التي تعترض وصول هذا الحوار إلى هدفه الوطني المنشود. ولفتوا إلى أن زعيم المختارة قد أوفد وزيري الإشتراكي أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور إلى عين التينة، وذلك في إطار التنسيق الدائم بينه وبين الرئيس نبيه بري، والذي يتمحور في الفترة الحالية حول ما يطرح في مجلس الوزراء بالنسبة للتعيينات العسكرية والتمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، إضافة إلى التشاور في ورقة عمل جلسة الحوار المقبلة في الخامس من أيلول. وأضافوا أن تطورات ونتائج مبادرة وزير الخارجية المصري سامح شكري قد حضرت في حراك النائب جنبلاط الأخير، وإن كان أي لقاء لم يتم ما بين جنبلاط والوزير المصري. وفي هذا الإطار، أكد المقرّبون من رئيس الإشتراكي، أن علاقته مع مصر ممتازة وتؤكدها زياراتها المتكرّرة لها، وبالتالي، فإن عدم حصول أي لقاء يعود إلى أسباب خاصة، وليس لوجود أي تباينات سياسية. وكشفوا أن ما من جديد في الحراك الديبلوماسي المصري حول الملف الرئاسي، كما أنه ليس هناك من أي عرض لتسوية رئاسية قد عُرض في بيروت في هذا المجال، خاصة وأن هذا التحرّك لا يحظى بأي إجماع دولي أو إقليمي.
انطلاقاً من هذه المعطيات يلاحظ صمت جنبلاطي لافت في الوقت الراهن، وتقنين واضح في التغريدات على «تويتر»، على الرغم من أنه أبدى انزعاجاً من المواقف السياسية لدى البعض، وذلك بسبب قناعته بضرورة مواصلة الحوار في ظل غياب البديل، إضافة إلى موافقته على «سلّة» بري، مع العلم أنه ما زال يدعم ويشجّع أي مرشّح لرئاسة الجمهورية، شرط أن تحصل الإنتخابات في أقرب فرصة ممكنة، وهذا ما كان أبلغه للبطريرك الماروني بشارة الراعي عندما زاره في بكركي، وعندما استقبله في المختارة خلال تدشين كنيسة السيدة.
وخلص المقرّبون من جنبلاط، إلى الإشارة إلى خوفه على الوضع الإقتصادي في ضوء التصعيد الأخير في المنطقة والتحولات المقبلة التي ستكون في غاية السلبية، وشدّدوا على رفضه الدخول في أي سجال مع أي مكوّن سياسي محلي مهما اختلفت المواقف معه، بل بالعكس، فهو يعمل للحفاظ على التهدئة على كل المستويات، ولا سيما على مستوى الداخل الدرزي، وقد تعمّد صورة تجمعه والنائب طلال إرسلان، على الرغم من خلافاتهما السياسية، وذلك كون هذا الأمر له ارتدادات إيجابية على الساحة الداخلية. لكن ذلك لن يحول دون مواصلته عملية إجراء تغييرات جذرية على صعيد الحزب الإشتراكي في المرحلة المقبلة، حيث ينوي إعطاء الكادرات الشبابية والقيادات التي أثبتت جدارتها أخيراً مجالاً في الترشيحات النيابية المقبلة.