Site icon IMLebanon

إيجابيّات قد تفتح الباب لإقرار «قانون» في ظلّ توتّر إقليمي متصاعد

يصعب استشراف المسار المندفعة إليه الأمور في مثلث «الحرب المالية» الأميركية على «حزب الله»، والإعتداءات الإسرائيلية المتزايدة على أهداف ثابتة أو متحركة للحزب في سوريا، والتزامات الحزب من ضمن محور الممانعة الذي تقوده إيران.

ما هو أوضح في المقابل هو أنّ منسوب التوتّر ضمن هذا المثلّث آخذ في الإرتفاع بوتيرة أكثر إحتداماً مما عهدناه في السنوات السابقة، وفي ظلّ ظروف إقليمية وعالمية غير مستقرّة البتة.

وما هو ظاهر أيضاً أنّ اسرائيل ماضية في مسلسل اعتداءاتها بشكل متزايد، وأيّاً كان الموقف من «حزب الله» ومن تدخله في سوريا، إلا أنّه لا يمكن الركون إلى الرأي القائل بأنّ الحزب سينتهج سياسة «الإحتفاظ بحق الردّ» التي «برع» فيها النظام البعثي في سوريا.

أما السياسة الأميركية ما بعد القصف الصاروخي للقاعدة الجوية السورية فلا تزال تعطي مؤشرات تصعيدية تجاه النظام السوري وتجاه «حزب الله»، من دون أن يكون بإمكان أحد اليوم الذهاب بعيداً في تقدير الترجمة العملية لهذه المؤشرات في الأمد المنظور، إلا من باب السياسة الأميركية المستهدفة للإقتصاد السريّ لـ «حزب الله» والشبكات المرتبطة به عبر العالم.

المدهش في المقابل هو كم أنّ الوضع الداخلي «لاه» سياسياً عن مسار التوتر الإقليمي هذا، مع أنّه وضع معلّق على هذا المجهول أكثر مما هو معلّق على دورانه في الحلقة المفرغة إياها، التي مركزها «قانون الإنتخاب» المستعصي، وما يحوم حوله من أفكار معطوبة: منها رفض اقرار الأمور بالذهاب إلى التصويت إيثاراً للتوافق، واستعصاء التوافق بما أنّ لا شيء يضغط على الأطراف للذهاب إليه، لأنّ الشيء الوحيد الذي يمكن جدياً أن يدفع أطرافاً سياسية للتوافق في ما بينها، هو الإحتكام إلى التصويت في حال فشل هذا التوافق. لا احتكام إلى التصويت لإقرار قانون إنتخابي: هذا يعني أنه جرى ابطال عنصر الضغط الأول الذي كان بامكانه أن يدفع إلى التوافق. هذا إذا سلّمنا جدلاً أنّ التوافق أفضل من الإحتكام للتصويت.

انقضى حتى الآن نصف «الشهر المستقطع»، المفترض فيه إنجاز ما تعذّر إنجازه طيلة الشهور والسنوات والعقود السابقة من قانون إنتخابي. شهر «الإنكباب» هذا، لم يأت بنتيجة حتى الآن، وليس هناك ما يوحي بأنّ قانوناً انتخابياً جديداً سينبثق في المدة المتبقية. بالتوازي، تأكيد رئيس الحكومة سعد الحريري على استبعاد خيار «التمديد»، وايجاد نقطة تلاقٍ أساسية مع رئيس الجمهورية على هذا الصعيد، وإيثار رئاسة الجمهورية للإنتخاب وليس للفراغ، كردّ على التمديد، هما مؤشران ايجابيان. وأيضاً، كلام السيد حسن نصر الله بالأمس الذي أظهر ليونة في موضوع قانون الإنتخاب، هو مؤشر ايجابي. في الوقت نفسه، يأتي كلام نصر الله في لحظة إقليمية معينة، هي التي بدأنا بالإشارة إليها على أنها الأكثر خطورة في احتمالات المسار الذي يمكن أن تؤدي اليه. إراحة الحزب نفسه من مسألة «قانون الإنتخاب» لا يمكن فصلها عن هذا المسار العام.

هذه الإيجابيات من شأنها تثمير البحث عن قانون إنتخابي في الأسبوعين المقبلين. ليس التوصل إليه بحتمي طبعاً، ولا مؤشرات حتى الساعة ملموسة أننا ذاهبون إلى اتفاق في هذا الشأن. لكن التوصل إليه بات ممكناً، وان ارتبط هذا بالإتفاق أيضاً على موعد اجراء الإستحقاق، وهو أمر غير واضح حتى الآن، فيما إذا كان التأجيل إلى سنة قد فرض نفسه، أو أنّه بالعكس من ذلك قد تراجع كإحتمال في الآونة الأخيرة. فإذا ذهبت الأمور إلى التأجيل نصف سنة أو سنة تحت عنوان «تمديد تقني»، فإنّ بطاقة تمرير هكذا تمديد تقني هي التصويت على قانون إنتخاب جديد، ما قد يعني بطبيعة الحال، في ظل الأوضاع اللبنانية الهشة والمتأرجحة، أنّه يمكن أن يُعاد البحث في القانون، حتى بعد إقراره.