حربٌ من نوع آخر بين لبنان وسوريا
يبدو أن الدم سيصل الى الركب، والرقاب، بين “فنانات” سوريات ولبنانيات يتسابقن على إسترضاء الزبائن بأجسامهنّ لا بأصواتهنّ. و”الشاطرة” منهنّ بشطارتها، والدعارة “عال العال” في بلدٍ أصبح أحد تصنيفاته الجديدة: بلد البغاء الرخيص!
يوم أخبرنا وئام وهاب أنه قال لرئيس الجمهورية، وهما يتناقشان حول ما يمكن أن يأتي بالدولار الأميركي الى لبنان: “أننا نحتاج الى 10 آلاف سيدة جميلة من (….) للعمل في الدعارة” لم يكن، على الأرجح، يمزح، لكن، يبدو أن رئيس حزب التوحيد العربي أخطأ في الجنسيات. فما يحدث في “النايتات” اللبنانية يشي أن تجارة الدعارة منطلقة في بلادٍ أصبح كل شيء فيها “له قيمة” إلا الأجساد.
إليسار عبود “فنانة” تغني منذ أكثر من عشرة أعوام. أصلها لبناني. لكن، منذ فترة بدأت تنسحب من تحت أقدامها “المهنة” لصالح سوريات قالت انهن يبعن أجسادهن تحت ستار “الفن الغنائي”. هي حكت كلاماً كبيراً عمّا يحدث في ليالي السهر اللبنانية العريقة يشيب لها شعر الرأس. لكن، لم ينتبه لكلامِها من يفترض بهم الإنتباه. فلنتسلل الى تلك الأقبية لاستكشاف الحال والأحوال.
أول سؤال يجول في بالِنا: هل اللبنانيون الواقعون تحت سيل الأزمات يملكون المال ليلعبوا لعبة القط والفأر في ملاعب الدعارة؟
إليسار، كما سواها، انصدمن “صدمة عمرهنّ”على حدّ قولهنّ بما يحدث معهنّ. فماذا يحدث هناك؟ أسماء ملاهٍ “عريقة” تتكرر على ألسنتهنّ وهن يتحدثن عن البغاء. إحداهنّ روت أن أحد أصحاب الملاهي ناداها وقال لها حين أطلت متسترة بملابس لا تكشف عن الصدر وقال لها: “شغلك مش عندي”. فأجابته: “تريد مغنية أو ش…”. وأردفت يغضب: “الحياة أصبحت زفتاًً”.
شلح وتشليح
تتكرر على ألسنة الصبايا أسماء نوح ومهند وهن يتحدثن عمن يتاجر بهن في عالم الدعارة. وحين يعملن “بشرف” يطردن من العمل الغنائي. إحداهن قالت: دعاني أحدهم للإتصال بصاحب ملهى للغناء، فاتصلتُ به وأنا “شايفة حالي” فقال لي “ما يهمني هو “تشليح” الزبون المال. قلتُ له: “كيف؟”. فأجابني: “بدك تشلحي”. فأجبته: “أنا لن يرى ظفري إلا من سيكون زوجي” فطردني”. ذهبتُ الى النقابة (نقابة الفنانين) فتقاتلتُ معهم وقالوا لي انشالله لاحقاً. رفضوا تسجيلي مع العلم أنني قدمتُ كل الأوراق المطلوبة. “سمّولي بدني”. هم رفضوني مع العلم أنهم سجلوا بنات “تفتح قدميها بدل فمها للغناء”. أنا خريجة جامعة لا أقبل أن يهين كرامتي أحد”.
ما يحدث مع “اللبنانيات” اللواتي يعتبرن أنفسهن “فنانات” أن سوريات بدأن يأخذن مكانهنّ في “عالم الفن الرخيص”. هنّ يقمن بحركات إيحائية لا أكثر ولا أقل لكن “سوريات” قبلن بأكثر من ذلك فحللن مكانهنّ.
الجسم قبل الصوت
إحداهنّ دعتنا الى الذهاب خلسة الى ملهى له إسم عريق ورؤية ما يحدث في “نصاص الليالي”. هناك فنانات سوريات بتن يطللن في وصلات ما بعد الساعة الثانية فجراً “بالسوتيان والكيلوت”، على حدّ قولها، لاستجلاب رجال يملكون المال وسحبه منهم حتى آخر قرش. هذا ما يحدث في ملاهٍ تتكرر أسماؤها على لسانها، كما على السنة الأخريات، واقعة بين خلدة والكسليك وفي صيدا وكفرمان أيضاً. هؤلاء يركزن على طاولات الزبائن المكتملة وكلما جمعن “نقطة” كلما ابتسم لهنّ اصحاب الملاهي.
تقول “فنانة” لبنانية أن صاحب ملهى ظنته “شريفاً” قال لها أن تجلس على طاولة ميسور فرفضت. قال لها “بدو يعطيك شيء”. إقتربت منه فقال لها: “قدي بدك في الساعة؟”. فشتمته وابتعدت. ناداها صاحب الملهى وقال لها: “أنا بدي جسمك مش صوتك”.
السوريات يقبلن بما لا تقبل به “مغنيات” لبنانيات فبدأن ياخذن مكانهنّ. وفي هذه المشهدية يظهر أن كلاهما ضحية هذا العالم القبيح الذي يزداد إنتشاراً في ليالي السهر اللبنانية. فالفنانات الأصيلات يغادرن البلد لمصلحة من يقمن بالإغراء الخفيف أو الشديد في بلدٍ رخص فيه لحم البني آدم وغلا لحم البقر والماعز كثيراً.
فلنتعرف أكثر على عالم ليالي السهر في لبنان الراكد على أزمات.
رشا وريما ورانيا و… و… أسماء “فنانات” سوريات في ملاهي لبنان. وتخبر إحدى “الفنانات” اللبنانيات: “إستقبلت صبيّة سورية في منزلي وكانت بعمر 18 عاماً فذهبت وابلغت أحدهم، ممن يؤمنون لي عملاً، ولأنني قلت عنه انه يتاجر بالنسوان تشاجرت معه. وتدريجياً أخذت مكاني. أنا كنت أتقاضى عن الغناء مليون ليرة في الليلة فقبِلت هي بمئة ألف ليرة. صدقيني أننا نعيش في بلدٍ يسوده الفساد. أضع أغنية على الفيسبوك بلباسٍ محتشم فآخذ ثلاثة لايكات (علامات إعجاب). تضع إحداهن، ممن يمارسن الدعارة، صورتها شبه عارية فتحصد كل الإعجاب”.
كثير من “النق” يوشي بكثير من الدعارة الفكرية قبل الجسدية في لبنان. فهل إنزلق البلد الى هذا القدر من الفحش الظاهر العلني؟
السوبر نايت أولاً
لبنانيات كثيرات يتكلمن عن عالم ظننا أنه لا يُشبه لبنان وليس لا منه ولا له. ويستطردن بالقول: لا تذكري أسماء “فالكل إيدو طايلة”. إحداهن ولها من العمر 29 عاماً تتحدث عن سورية “فنانة” لها من العمر 17 عاماً تزاحمها وتقول كلما رأتها تغني “طالعة من القبر” دلالة الى تقدمها (نسبة الى عمل الدعارة) في العمر. في كل حال، إستناداً الى دراسة جرت تبين أن عمر من يمارسن الدعارة نزل من فئة تتراوح بين 25 و 28 سنة إلى ما بين 17 و 21 سنة. ويبدو أن “السوبرنايت” هو المكان المفضل لممارسة الدعارة في لبنان تليه البارات بنسبة 15 في المئة ثم الطلب عبر الهاتف 11 في المئة. كما أن دعارة الشارع تبقى المفضلة.
أن نتكلم عن الدعارة في بلد كل الآفاق فيه مقفلة لهو أمر غريب عجيب. فمن لا يملك ثمن رغيف الخبز نظنه لا يفكر بالدعارة. فهل هذا صحيح؟ تجيب “فنانة” لبنانية ليس لديها عمل “أتحداك أن تنزلي الى الملهى (…). لن تجدي فيه مقعداً. هناك من يصرفون كل ما في الجيب للحظات متعة. وصاحب الملهى يطلب من “المغنيات” أن يقتربن من طاولات من يبدو عليهم الثراء وجعله يسكر وهنّ يرددن له: يا قلبي ويا عيني. وينظفن جيوبه. هؤلاء بلا قلب. وفي النهاية يطالب صاحب الملهى الزبون بدفع إيجار الطاولة. وإذا لم يدفع لنفاد ما لديه يضربونه أولاد الحرام”. هنا تتذكر المتحدثة شخصاً أطال السهر في ملهى كانت هي فيه و”رش رش” المال على “الفنانات” وفي اليوم التالي وجدوه مقتولاً في منطقة محاذية. هناك لصوص يتربصون بهذه النوعية من الرجال ظناً منهم أنهم يملكون المال الإضافي الوفير.
ثمة ملاهٍ زبائنها، من جنسيات معينة، ويملكون ملاءة مالية عالية. هناك ملهى في خلده زبائنه عراقيون وملهى آخر في الكسليك زبائنه سوريون. و”الفنانات” اللبنانيات، على شاكلة هذا النوع من الفنانات طبعاً، بات عددهن في الملاهي ضئيل جداً. وتتحدث إحداهن عن غناء كل اولئك الفتيات بلا “كونترا” وهناك أشخاص مهمتهم الإتيان بفتيات سوريات الى لبنان والطلب منهن تقديم وصلات غنائية تُمهد الطريق الى الدعارة. وكثيرات منهنّ يصلن الى لبنان بطرق الـ”تهريب”، بلا أوراق، وهناك لهذه الغاية بالتحديد مجموعات عبر الواتساب، تبدل أرقامها كل 48 ساعة، يطلب فيها مهربو تلك الفتيات الى الداخل اللبناني، منهن المرور، بالتنسيق معهم، عبر مسالك معينة ونقاط عبور محددة لقاء 700 دولار عن الفتاة الواحدة. ثمة مافيا متعددة الجوانب في هذا الإطار.
ماذا بعد؟
الفنّ اللبناني “سقط” هو أيضاً ولبنان بات بالفعل لا بمجرد القول يبحث عن تجارة مربحة وجدها كثيرون في الدعارة! وهناك من تكلموا على قاعدة: اللهمّ قد بلّغنا.