IMLebanon

حماية لبنان تستدعي الإقبال على الحوار

 

كما استدعت حماية لبنان من الرياح الاقليمية الساخنة قبل بضعة اشهر مشاركة «تيار المستقبل» وغالبية «قوى 14 آذار» في حكومة «ربط نزاع» مع «حزب الله» وسائر «قوى 8 آذار» وحلفائها، يستدعي اشتداد الرياح الاقليمية حاليا اضافة الى المتغيرات الاخيرة اقامة حوار داخلي يؤدي في أسوأ الظروف الى التهدئة وتنفيس الاحتقان كما يمكن له ان يفتح الباب للبحث في مخرج من الشغور الرئاسي عبر الانتقال من «معركة» الى «تسوية» رئاسية.

فالحوار المفترض انطلاقه قريبا بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» في مرحلة اولى، يمكن له ان يحمل اوصافا متعددة، جوهرها واحد يتلخص بمواصلة سياسة اليد الممدودة. فهو «حوار الضرورة» او «الحد الادنى من التفاهم الممكن» او حتى «ربط النزاع» لحفظ البلاد من الانعكاسات المؤذية لمستجدات ابرزها « تمديد فترة التوصل الى توافق بين ايران والغرب على ملفها النووي لمدة سبعة اشهر ونيف، دخول روسيا المستجد بفعالية على خط البحث عن حل سياسي في سوريا عبر محاولة تنظيم حوارات بين ممثلي النظام واحزاب وشخصيات معارضة، او كذلك عودة قطر الى الحضن الخليجي… .

واذا كان هذا الحوار سيساعد على تنفيس الاحتقان محليّا بين السنة والشيعة باعتباره جزءا من الاحتقان السائد في الاقليم، فهو قد يفتح الباب لنقل حلّ ازمة الشغور في الرئاسة الاولى من «معركة» على المنصب ركناها زعيم «التيار الوطني الحر» النائب ميشال عون مرشح «حزب الله» وحلفائه من جهة ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع عن «قوى 14 آذار» من جهة اخرى، الى «تسوية» عمادها مرشح توافقي من خارج الاصطفاف العمودي. واذا تم التوصل الى مبدأ «التسوية» لا بد وان ينتقل الحوار، وفق سيادي لبناني متابع، الى مستوى وطني يتشارك الجميع من خلاله في تسمية الشخصية التي ستحتل منصبا مضت نحو سبعة اشهر على فراغه. كما من المنطقي ان يستتبع ذلك، التحاور حول قانون انتخابي يسمح بأن تتلو انتخابات نيابية، في اقصر مهلة ممكنة، الانتخاب الرئاسي.

وخشية توصل الحوار الى «تسوية» تقضي على اخر احلامه تفاقم انزعاج عون الذي لوح بانهيار «اتفاق الطائف» الذي طالما انكره اذا لم يتكرس رئيسا للبلاد اضافة الى الضغوط التي يمارسها على المجلس الدستوري ليحكم بالغاء التمديد لمجلس النواب. كذلك اتى طرحه اخر مبادراته الرئاسية التي تفترض ضمان امتناع اي شخصية اخرى، غير جعجع، عن مواجهته تحت قبة البرلمان. واضافة الى ما يحمله هذا الطرح من رؤية تتعارض تعارضا تاما مع كل المفاهيم الديموقراطية فهو يكرس، وفق المصدر نفسه، جملة «انتصارات» لمصلحة سمير جعجع منها كسر احتكار الزعامة المسيحية وتدرج عون من طرح نفسه مرشحاً «توافقياً» الى تبني «حزب الله» ترشيحه.

ويبقى السؤال هل سيلتزم «حزب الله» بأي نتائج قد يؤدي اليها الحوار المنتظر؟ وهو سؤال يستمد مشروعيته من كل التجارب السابقة عندما تعهد صيف العام 2006 بالحفاظ على الهدوء جنوبا لكنه نقضه بأسر جنديين اسرائيليين الى موافقة لفظية سرعان ما تراجع عنها سواء على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان او السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وصولا الى «اعلان بعبدا». لكن ورغم التساؤل المشروع لا يمكن رفض الحوار طالما ان المؤشرات تدل على حاجة المناخ الاقليمي الى اجواء تهدئة في ظل تعذر التوصل الى اية تسويات في المناطق المستعرة سواء في العراق او سوريا، خصوصا وان قوى اقليمية ودولية من بينها السعودية وايران كما الولايات المتحدة اعربت بلسان سفرائها عن دعم الحوار.