الإثنين 27 حزيران 2016، لا يمكن بعده أن يكون قبله، يحاول كثيرون تحاشي تسميته الإثنين الأسود، لكن المعطيات المحيطة به تؤشر إلى أنه كان أكثر سواداً ممّا يعتقد البعض.
إنه التاريخ الذي يُنذِر ببدء مرحلة جديدة من مراحل الحرب على لبنان، وقد بدأت من النقطة التي يمكن أن تكون أكثر إيلاماً:
بلدة متواضعة وديعة في أقاصي البقاع الشمالي، يمكن أن تكون شرارة لحروب متنقِّلة هي حروب الإنتحاريين في حقِّ الشعب اللبناني قاطبةً.
عملياً، المرحلة الجديدة لم تبدأ مع التفجيرات الإنتحارية لبلدة القاع بل إنَّ هذه التفجيرات أكدتها:
فبين ليلةٍ وضحاها، إنتقل التعداد من عدد المهرجانات والنشاطات السياحية، إلى عدد الأماكن والمقرات التي يمكن أن تكون مستهدفة بالعمليات الإنتحارية:
معالِم سياحية، مراكز تجارية، أماكن تجمعات.
هذا الواقع دفع المعنيين إلى التزام أقصى درجات التنبه والحيطة والحذر والإجراءات الإستباقية من خلال ما يلي:
إلغاء كل المناسبات التي فيها تجمّعات بشرية، وفي هذا السياق تمَّ إلغاء الإفطار في وزارة الداخلية والذي كان مقرراً أمس الخميس.
إلغاء إفطار كان دعا إليه التيار الوطني الحر.
إلغاء إحتفالات ليلة القدر في منطقة بعلبك الهرمل.
إلغاء أكثر من مناسبة إحتفالية سواء في العاصمة أو في بعض المناطق.
***
قد تكون هذه الإجراءات في محلها، وقد يكون الحذر لا يُلغي القَدَر، لكن ما هو مؤكَّد أنَّ البلد دخل في حالٍ من الضياع في ظل التداخل بين ما هو حقيقي ومبني على تقارير ومعلومات موثَّقة، وبين ما هو مركَّب وخاضع لمنطق الإشاعات التي تمشي كالنار في الهشيم.
وما هو مزعجٌ في هذا المجال أنَّ هناك متربِّصين بالبلد قد باشروا حملات مقززة ومقرفة على مواقع التواصل الإجتماعي، الهدف منها إثارة البلبلة في صفوف المواطنين، وفي المعلومات أنَّ الأجهزة المختصة تتعقَّب هذه الرسائل بغية وضعِ حدٍّ لها، منعاً للمزيد من إثارة البلبلة التي يتأثر بها الرأي العام عموماً.
***
ومن الخطوات الإحترازية أيضاً، ما تقوم به الأجهزة المختصة في مطار رفيق الحريري الدولي، وفي المعلومات أيضاً أنَّ الأجهزة المختصة ضاعفت من إجراءاتها في هذا المرفق الحيوي، وقد لاحظ المسافرون والعائدون هذه الإجراءات التي إنْ دلت على شيء، فعلى أنَّ رفع نسبة الجهوزية في المطار بلغ حدَّه الأقصى.
***
مع كل هذه الإجراءات لا بد من التأكيد على أنه ممنوع تطيير الموسم السياحي الذي يُعوِّل عليه البلد على كل المستويات، ولا سيما مستوى إنعاش الحركة الإقتصادية التي يبدو أنها باتت تتعلَّق بحبال الآمال المعقودة على ما تبقَّى من تفاؤل.