مقابل حرص رئيس الحكومة تمّام سلام على عدم التفريط بالصيغة الحكومية القائمة لتفادي الدخول في المحظور، مدعوماً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، يبدو أن التيار الوطني الحرّ مصمّم على أخذ البلد الى المجهول من خلال إصراره على مقاطعة جلسات الحكومة والحوار معاً، على وقع تهديده باللجوء الى الشارع دفاعاً عن الميثاقية التي يدّعي التمسّك بها، فيما يمارس من خلال سياسته التعطيلية النقيض تماماً، واضعاً البلد أمام مرحلة سياسية بالغة الخطورة ومفتوحة على كل الاحتمالات. في وقت تزداد المخاوف من إمكانية انقلاب الشارع إذا ما أصرّ النائب ميشال عون كل تنفيذ مخطّطه القاضي بإغراق البلد بالاحتجاجات والتظاهرات في مواجهة رفض المكونات الوزارية والسياسية لهذا الأسلوب الذي ينتهجه التيار الوطني الحرّ، ضارباً بعرض الحائط مصالح اللبنانيين وغير مكترث لشلّ المؤسسات على هذا الشكل الذي هي عليه.
وقد اعتبرت أوساط وزارية كما تقول لـ«اللواء»، أن مقاطعة النائب عون لجلسات الحكومة يبدو أنها ستستمر، لأن تياره أخذ قراراً مسبقاً بهذا الأمر وبالخروج من الحوار، في حين أن تضامن حزب الله مع حليفه في مقاطعة جلسات الحكومة لن يستمر، لأن الحزب لن يضحّي بالحكومة وهناك توافق مع الرئيس برّي على هذا الأمر، وبالتالي فإن قرار وزيري الحزب التغيّب عن جلسة مجلس الوزراء الأخيرة كان لحفظ ماء الوجه مع عون فقط، فيما الحقيقة أن حزب الله غير مقتنع بكل ما يقوم به النائب عون، ولكنه مضطر لمسايرته للحفاظ على الغطاء المسيحي الذي يريده في مشروعه السياسي، مشيرةً الى أن عطلة العيد ستكون بمثابة فرصة لإجراء مشاورات على أكثر من خط من أجل نزع فتيل التوتر وإقناع رئيس تكتل التغيير والإصلاح إذا أمكن بالعودة الى السرب الحكومي، في إطار تسوية تكفل الحفاظ على الاستقرار الداخلي وتأمين سير عمل مجلس الوزراء ولو بالحد الأدنى، خاصة وأن المؤشرات لا توحي بإمكانية حصول انفراج قريب على مستوى رئاسة الجمهورية، خاصة وأن تصاعد الاشتباك السعودي – الإيراني سيزيد من العقبات على طريق إجراء الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي سيدفع الذي يُحكمون قبضتهم على هذه الورقة الى التشدد أكثر لفرض خياراتهم السياسية على الآخرين، وهذا ما سيطيل عمر الفراغ الرئاسي الأمر الذي سيحمّل الحكومة أعباء إضافية، ما يحتّم على القوى السياسية التمسك ببقائها لتسيّر شؤون الناس، بأقل الخسائر الممكنة.
وتشدد المصادر على أن تيار المستقبل كما الرئيس برّي أبلغ الرئيس سلام حرصه على التمسك بالحكومة، باعتبارها الملاذ الأخير وانه سيوفّر كل فرص الدعم لبقائها واستمرارها في مواجهة محاولات اسقاطها من قبل النائب عون وحلفائه.