ابتكار موقع «تويتر» وفّر مجالات رحبة للتعبير عن الذات. وكما يقول العامّة عندنا بــ«الفضفضة». ولعّل أكثر من يحتاج الى «الفضفضة» هم الحاقدون. مع أنّ أغراض التغريدات تتناول نواحي الحياة كلها بما فيها من مشاعر وقضايا ومشاكل وطموحات الخ…
إلاّ أنّ الساحة اللبنانية باتت مسرحاً لممتهني السياسة الذين يلجأ بعضهم الى «تويتر» مغرّدين في كل شيء، وخصوصاً في ما يضنيهم ويؤرّق لياليهم، كالشعور مثلاً بفقدان دور وموقع، أو للتعبير عن الغضب والحقد من الذين يعانون من متلازمة «الاحتراق النفسي» كما يقول العلماء النفسيون. وهو مرض يتسم بمجموعة من العلامات والأعراض والمتغيرات في السلوكيات المهنية. وفي بعض الحالات، تم رصد متغيرات في التكوين الجسدي والوظيفي والكيمياء الحيوية الجسمانية لدى بعض المصابين بهذا المرض. وقد تم تصنيف. هذا المرض، وفقاً لتشخيص هذه الحالة من الإرهاق، ضمن فئة الأمراض ذات المخاطر النفسية الاجتماعية المهنية (…). (ويكيبيديا).
و«الاحتراق النفسي» هو أبعد أنواع الحقد والكراهية…
الحقد على الآخر وإظهار الكره نحوه… ومن تفسيراته عدم الإعجاب بالآخر. وترتفع وتيرة هذه المتلازمة عندما يكون الآخر من «المهنة» ذاتها! وتبلغ ذروتها إذا بدأ الآخر يتقدم بينما «المحترق نفسياً» يشعر بأنه يتراجع سيّان أكان هذا الشعور دقيقاً أو خيالياً.
إننا نرى أن الأبحاث العلمية الرصينة أصابت عندما تحدثت عن أنّ التراجع في «المهنة» يتسبب بالحقد والكراهية والبغضاء. ولقد يكون هذا التفسير هو أكثر ما ينطبق على «ممتهني» السياسة.
وهي «مهنة» باتت ربيحة جداً في لبنان. وأرباحها ليست فقط، في السياسة والنفوذ والوجاهة، إنما هي أيضاً في الربح المادي.
وفي تقديرنا أنه يتعذر فصل هذا السباق المحموم على التعيينات الإدارية، عمّا نعاينه ونعانيه أيضاً من تصعيد يومي. وبما يتخلله من تراشقات حادّة، واتهامات خطيرة وتوعّدات بالآتي الأعظم.
فقدان أعصاب لدى الكثيرين؟… صحيح!
أليس هذا ما بات سمة كثرة من أهل السياسة الذين يطرّزون الشاشات بطلاتهم البهيّة التي يكحلون أعين اللبنانيين بها كلّ يوم؟!
أليس هذا سبب التشنج الكبير الذي يظهرون به يومياً، والذي يقطر سموماً من كلام الكثيرين ليلاً ونهاراً عبر وسائط الإعلام، ما ينعكس (كما نقرأ ونسمع) فلتاناً على وسائط التواصل الاجتماعي من قِبَل «الرعيّة»؟!
وإذا كانت الجماعة، من أهل السياسة، حريصة على أن تبقى رهينة متلازمة «الاحتراق النفسي»، فلماذا تسعى الى «حرق ديك» الناس، وجرّهم الى حريق حقيقي؟!