Site icon IMLebanon

المنتفضون يتمسّكون بسلاح “الإذلال العلني”

 

أسود يكاد يُشعل فتنة بنار نرجيلته… ومرجعيته تستدرك

 

 

 

انكفأ السياسيون عن الظهور في الأماكن العامة عند بداية الإنتفاضة، لكن بعضهم خرج من عزلته بعدما تراجع زخم الشارع. ما جعل المنتفضين يلجأون لسياسة طرد المسؤولين من الأماكن العامة، كوسيلة للاحتجاج ولحثّهم على الشعور بمعاناة المواطنين وبالأزمة الفادحة. لكنّ النائب زياد أسود أصرّ، مجدداً، على تحدي واستفزاز المنتفضين. وبعد أن عملوا على طرده من أحد المطاعم في أنطلياس منذ يومين، قصد مساء أمس الأول أحد مطاعم جونيه، وانتظر مناصروه وصول المحتجين للاعتداء عليهم، تنفيذاً لتهديد أسود بأن “المزح خلص”. بعد الحادثة أصرّ المنتفضون على التمسك بسلاح طرد المسؤولين من الأماكن العامة، ويصرّ بعضهم على أن لا يهنأ مسؤول بلقمة خارج منزله ما دام اللبنانيون يعانون من الأزمة التي تسبب بها.

 

ويفتح طرد المسؤولين من الأماكن العامة سجالاً بين من يبارك الخطوة ويعتبرها غاية في السلمية واللطف بالتعامل مع من أفقر البلد وأذل ناسه. وبين آخرين يصوّبون على طريقة الاحتجاج هذه بهدف التصويب على الإنتفاضة بأكملها، بذريعة أنها تمارس اعتداءً على الحرية الشخصية، على الرغم من أنها لم تبادل السياسيين بعد ولو جزءًا بسيطاً من العنف الذي مارسوه تجاه المواطنين. إضافة إلى الرأيَين، يظهر من يختلف موقفه من الفعل ذاته باختلاف المطرود، فتارة يبارك الخطوة وتارة أخرى يعارضها. ويتناسى البعض أن طرد المسؤولين وسيلة للاحتجاج تعتمد في دول مختلفة. فما يعرف بـ”الإذلال العلني” هو أسلوب قديم استخدم ضد المجرمين والمسؤولين في دول عدة كنوع من العقاب. وفي حين لم يصل طرد المسؤولين من المطاعم بعد إلى حد إذلالهم أصلاً، لا يطلب المحتجون منهم سوى الإنكفاء عن المشهد العام كي لا يشكلوا استفزازاً إضافياً لمواطنين يهانون ويذلون يومياً.

 

ويكشف أحد الناشطين لـ”نداء الوطن” بأنهم عادة ما يتواصلون في ما بينهم عبر مجموعات “الواتساب”، ويبلغون عن مكان وجود أي مسؤول يصادفونه في مكان عام. وينشر ناشطون هذه الرسائل على مواقع التواصل الإجتماعي لتحريض المنتفضين على التوجه إلى المكان وطرد المسؤول. يبرر الناشط سياسة الطرد بأنه “لم يعد من مكان للمسؤولين معنا في الحيّز العام وعليهم أن يلتزموا منازلهم وقصورهم في هذه الفترة، فقبل 17 تشرين ليس كما بعده، وكل ما يقوم به الثوار هو رد فعل وليس تجنّياً”. وعن سبب الدعوات لطرد جميع المسؤولين دونما استثناء، يقول الناشط إنهم جميعاً إما سرقوا وإما غطوا تصرفات من سرق، ويلفت إلى خطورة تصرف أسود الذي كاد يؤدي إلى فتنة “على عكس نواب آخرين انسحبوا بسرعة ولم يعمدوا إلى الاستفزاز”. من الناحية القانونية، تشير المحامية ماريانا برو في اتصال مع “نداء الوطن” إلى أنه لا يحق لأحد الدخول إلى المطاعم والتهجم على أي شخص في داخلها، وأن أي محام بإمكانه البحث عن نص يجرم من يقوم بذلك، أما في حال اعترضوا في الخارج دونما تعرض لأحد فلا يمكن ملاحقتهم.

 

تصرف أسود ومرافقيه الاستفزازي ومحاولة إشعاله نار الفتنة ليتمكن من إكمال نرجيلته، استدعى مواقف تتنصل من تصرفاته وتلفت إلى خطورة ما حصل وتشدد على ضرورة التمسك بالوحدة. إذ عبّر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن استيائه وأسفه لما حصل أمام المطعم، وشدد على ضرورة التعالي على الجراح والحفاظ على وحدتنا الداخلية والوطنية. بينما أصدر “التيار الوطني الحر” بياناً ندد فيه بالتعرض لشبان طرابلسيين في جونيه واستنكر أي إساءة لأي مجموعة على خلفية سياسية او مناطقية. وشدد التيار على ضرورة ضبط النفس وعدم الانجرار الى اي ردود فعل. لكن البيان ذاته برر تصرفات عناصره إذ أسف لما اعتبره تعرضاً للحريات الفردية مشيراً الى أن “التطاول على السياسيين يولّد ردود فعل عفوية من قبل مناصريهم”. واعتبر رئيس التيار جبران باسيل أن التعدي على التيار متكرر وممنهج، وأقرّ بأن العنف على أشكاله جريمة بحق الوطن، ولا يجب أن يستخدمه أحد. بينما حاول أسود، متأخراً، تبرير اعتداء مناصريه، مغرداً بأن 3 سيارات توجهت إلى مكان تواجده ودهست أحد مرافقيه، وحاول أحدهم اقتحام المكان “مع مسدس ظاهر تبين أنه شبه أصلي”.

 

على أثر الإشكال، تقدم محامون بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية في بيروت ضد مرافقي النائب زياد أسود ومناصريه بالجرائم التي تمس الدين واثارة الفتن والتعرّض للذات الإلهية وللسلم الأهلي.