Site icon IMLebanon

قانون الشراء العام: المرحلة الإنتقالية لإدارة المناقصات وجان العليّة

 

يتّسم قانون الشراء العام بأهمية قصوى كونه يتصدّر قائمة المطالب الإصلاحية التي تشترط الدول الغربية تحقيقها قبيل مدّ يدّ المساعدة للبنان، ولهذا يتباهى النواب الذي عملوا على هذا القانون، بالإنجاز الذي تمّ تسجيله بعدما عملت اللجنة الفرعية التي تمّ تشكيلها على مراجعة الاقتراح مرتين وأكثر، لتنقيحه بعد استشارة الكثير من الهيئات الدولية والإدارات العامة والمعنيين، وهي من المرات النادرة التي تتم فيها مراجعة أي قانون أكثر من مرة.

 

بالنتيجة، صار القانون جاهزاً لعرضه على الهيئة العامة بعد إقراره في اللجان المشتركة التي احتاجت لجلستين من النقاش، قبل التصويت على النقاط الخلافية ووضعه بصيغته النهائية، فيما عقدت اللجنة الفرعية أكثر من 45 جلسة متتالية لصياغة 116 مادة موزّعة على 84 صفحة.

 

حتى الجلسة الأولى من اللجان المشتركة، كان “التيار الوطني الحر” لا يزال يسجّل سلسلة تحفظات حملها من اجتماعات اللجنة الفرعية، وتتصل بشكل خاص بمصير إدارة المناقصات، التي سيتمّ الغاؤها لمصلحة تعيين هيئة مستقلّة للشراء العام مؤلفة من رئيس وأربعة أعضاء يُعيّنون بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح رئيس مجلس الوزراء، على ما تنصّ المادة 75 من الاقتراح.

 

لكن اللجنة الفرعية ارتأت أن تتولى إدارة المناقصات بهيكليتها الحالية، المرحلة الانتقالية، وذلك خشية من فراغ قد يحصل، إما بسبب عدم صدور المراسيم التطبيقية أو بسبب الانقسام السياسي في مجلس الوزراء حول الهيئة الجديدة كونه الجهة التي ستتولى التعيين، أسوة بغيرها من الهيئات الناظمة التي لا تزال حبراً على ورق.

 

وقد استقرّ رأي اللجنة الفرعية، كما ورد في الاقتراح في المادة 88 المتصلة بالأحكام الانتقالية، على أنّه تلغى إدارة المناقصات وتنقل ملاكاتها والعاملون فيها إلى هيئة الشراء العام من دون تعديل في الرتبة والراتب، مع احتفاظهم بحقهم في القدم المؤهل للتدرج على أن تتوافر فيهم شروط التعيين المحددة في المادة الرابعة من المرسوم الاشتراعي رقم 112/59 (نظام الموظفين) وتعديلاته، باستثناء شرطيّ السن والمباراة. ويكون مدير عام إدارة المناقصات رئيساً للهيئة، كما يكون الموظفون والمتعاقدون والأجراء الحاليون في إدارة المناقصات من ضمن الهيكل الإداري لهيئة الشراء العام. وإلى حين تعيين أعضاء الهيئة، يتولى رئيس الهيئة مهامها.

 

التعديل البسيط الذي حصل هنا، هو من خلال حذف تعبير “الولاية الأولى”، الذي جاء في الصيغة الموضوعة في اللجنة الفرعية، وذلك من أجل “منع قابلية الطعن، ولكي يحتفظ مجلس الوزراء بحقه في التعيين حين يرتئي ذلك”، كما يقول أحد النواب المشاركين، مشيراً إلى انّها “ليست المرة الأولى التي يحصل فيها نقل ملاكات إدارية من موقع إلى آخر، من باب استمرارية العمل في المرفق العام”، لافتاً إلى أنّ أعضاء المجلس الدستوري وفق قانون انشائه، وفي حال انتهت ولايتهم يستمرون في عملهم إلى حين تعيين أعضاء جدد، وثمة الكثير من القوانين التي راعت الفترات الانتقالية من نقل الملاكات لتأمين استمرارية العمل.

 

لكن “التيار الوطني الحر”، الذي انتقل من حالة الصداقة والتنسيق إلى حالة الخصومة الشديدة مع رئيس إدارة المناقصات جان العلية، وتحديداً من جانب رئيس “التيار” جبران باسيل ووزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل، اعترض على هذه الصيغة معتبراً أنّها قابلة للطعن، ذلك لأنّ مجلس الوزراء هو الجهة الوحيدة المخولة اجراء تعيينات الفئة الأولى، وبالتالي إنّ تضمين القانون بنداً يحدد مسبقاً الجهة التي ستتولى هيئة الشراء العام، هو مخالف لهذه القاعدة الأساسية.

 

أمّا من يخالفهم الرأي، فيرى هيئة الشراء العام امتداداً قانونياً لإدارة المناقصات، وبالتالي من الطبيعي أن يكون ملاك “الإدارة” من ضمن ملاك الهيئة المستحدثة، وما ينطبق على الرئيس ينطبق على الموظفين. ويقول أصحاب وجهة النظر هذه إنّ إقالة الموظفين تكون أيضاً في مجلس الوزراء وليس في قانون، خصوصاً اذا كان الهدف من الغاء إدارة المناقصات هو الإقالة المقنّعة لرئيسها.

 

وفي الجلسة الماضية للجان المشتركة، عرض العونيون لتحفّظهم من جديد على أمل الأخذ به في اللجان المشتركة بعد استبعاده في اللجنة الفرعية، إلّا أنّ المفاجأة كانت في جلسة الأمس، التي شارك فيها النائب باسيل (للمرة الثانية على التوالي في خطوة لم يسبق له أن فعلها سابقاً)، حيث تمّ التصويت على الصيغة التي أقرتها اللجنة الفرعية (بعد حذف “الولاية الأولى”)، فسقط اعتراض العونيين، وأبقي النصّ على ما هو عليه، ما يعني بأنّ “تكتل لبنان القوي” قد يتجه إلى الطعن بالقانون بعد صدوره، إلا اذا حصل ما هو غير متوقع في الجلسة العامة، وهو احتمال ضعيف.