IMLebanon

تجدد التعديات على الأملاك العامة في جنوب لبنان

 

 

واجهت مجموعة من السكان، في جنوب لبنان، قوة أمنية رسمية حضرت لإزالة تعديات على الأملاك العامة، في حادثة تتكرر بين منطقة وأخرى، في ظل الأزمات التي تعاني منها البلاد، وبالتزامن مع موجة تعديات على الأملاك العامة في الجنوب بدأت قبل شهرين، وتعهدت الداخلية اللبنانية بتوقيف كل المتعدين، بعد توقيف 7 منهم، أمس.

وللمرة الثانية خلال أسبوعين، حاول السكان التصدي لقوة أمنية حضرت لإزالة التعديات على الأملاك العامة والمساحات الجرداء المملوكة للدولة، وتُسمى «مشاعات».

وقالت وسائل إعلام لبنانية إن القوة الكبيرة من قوى الأمن الداخلي حضرت إلى منطقة البيسارية في قضاء الزهراني، جنوب لبنان «بتوجيهات من وزير الداخلية بسام المولوي، وحصلت مواجهات بينها وبين الأهالي المتعدين».

وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن القوة حضرت إلى منطقة البيسارية في منطقة قريبة من الأوتوستراد الذي يربط بيروت بالجنوب، قبل أن يتصدى لها الأهالي ويمنعوا العناصر الأمنية من إزالة الأسقف الخرسانية التي استحدثت أخيراً، وإزالة القواعد الإسمنتية التي وُضِعت أخيراً في الأراضي الجرداء، تمهيداً لرفع الأعمدة والأسقف فيها.

وقال وزير الداخلية بسام مولوي لقناة «إم تي في»، إن عدد الموقوفين حتى أمس «بلغ 7 في ملف التعديات في الجنوب»، وتعهد بتوقيف جميع الذين بنوا في الأملاك العامة و«إحالتهم إلى القضاء». وبدأت موجة التعديات في شهر فبراير (شباط) الماضي، وتحدثت معلومات عن أن عدد التعديات تجاوز الـ1500 موقع في منطقتي الزهراني وصور، وهي عبارة عن زيادة شرفات أو استحداث أسقف جديدة، أو رفع أعمدة، أو إجراء تعديلات على مبانٍ قائمة، أو حتى استحداث إنشاءات جديدة.

وتقول مصادر ميدانية إن تجاراً دخلوا على الخط، حيث يشيدون أبنية عبارة عن 4 شقق في بعض المناطق، وهي ظاهرة جديدة لم تكن موجودة قبل الآن، حيث كانت تقتصر الإنشاءات في موجات التعديات السابقة، وآخرها في عام 2010، على إضافة سقف أو تشييد بناء صغير، أو تشييد سقفين بالحد الأقصى فوق منزل العائلة المقام أصلاً على أملاك عامة، وبموجب مخالفة. ويقول رئيس بلدية في منطقة الزهراني رفض الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن الفقراء «لا يملكون في هذه الظروف الأموال الكافية لتشييد الأبنية وإجراء التعديات على الأملاك العامة»، في إشارة إلى أن أي سقف يحتاج إلى 15 ألف دولار بالحد الأدنى، في وقت لا تتعدى عائدات أي عامل أو موظف في القطاع العام، الـ250 دولار شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي للطعام.

وتحدثت قناة «MTV» المحلية عن أن وزير الداخلية سيعطي الإذن بملاحقة رؤساء البلديات التي ارتفعت فيها أبنية مخالفة، وسيراسل القضاء لإغلاق جبالات الباطون التي شاركت في الأبنية المخالفة.

وتلقي «الداخلية» العبء الآن على البلديات التي لا تمتلك القدرة على قمع المخالفات، بالنظر إلى أن بعض البلديات لا يتعدى عدد عناصر الشرطة فيها الاثنين.

ويقول رئيس اتحاد بلديات الزهراني علي مطر لـ«الشرق الأوسط» إن البلديات لا يمكن أن تغطي أي مخالفة، لأنها الأكثر تضرراً من التعديات على الأملاك العامة، حيث واجهت كثيراً من المشكلات لتنفيذ مشاريع في بلديات لا توجد فيها مشاعات، بينما لا تكفي عائدات البلدية على مدى 6 سنوات كاملة لشراء قطعة أرض في ظل غلاء العقارات.

وأكد مطر أن البلديات غير متقاعسة «لكنها لا تمتلك الإمكانيات، وهي حقيقة يعرفها وزير الداخلية بسام مولوي، كما لا تملك القدرات على القيام بأي مهمة من هذا النوع»، مشدداً على أن هذه المهمة «مهمة قوى الأمن والنيابة العامة المالية».

وإذ دعا قوى الأمن والجيش اللبناني لإزالة المخالفات والتعديات على الأملاك العامة، نفى مطر التهم الموجهة للبلديات بتسهيل التعديات، وقال رداً على تحميل وزير الداخلية رؤساء البلديات المسؤولية: «هو وزير الداخلية ووزير البلديات أيضاً، ويعرف إمكاناتنا وقدراتنا… فليُحاسب أي رئيس بلدية مرتكب أو أجرى تعديات على الأملاك العامة، لكن تحميلهم مسؤولية عدم قمع التعديات يجافي الحقيقة».

وحادثة مواجهة القوى الأمنية هي الثانية بعد أقل من شهر على حادثة أخرى في قرية تفاحتا بالمنطقة نفسها، حيث هاجم السكان قوة أمنية حاولت منع جرافة من إجراء تعديات على جبل كامل بمساحة 40 ألف متر مربع، وتشييد أبنية فيه.

وتصدى هؤلاء للقوة الأمنية، ورشقوها بالحجارة والزجاج، كما ظهر في مقطع فيديو؛ ما اضطر قوى الأمن الداخلي لإصدار بيان أكدت فيه نجاحها في وقف التعديات، وختم الجرافة بالشمع الأحمر، وذلك بعد استقدام قوة أخرى من قوى الأمن والجيش اللبناني لمؤازرتها في مواجهة 150 شاباً حاولوا عرقلة مهامها.

وتشير محاولات عرقلة المهمات الأمنية، والتهجم عليها، إلى «ضعف هيبة الدولة، وتحول الهيبة إلى الأحزاب وليس إلى الدولة»، حسبما يقول وزير الداخلية الأسبق، مروان شربل، لـ«الشرق الأوسط»، شارحاً أن التدخل في قضايا التعديات على الأملاك العامة «يبدأ من القاضي العقاري إلى المختار والبلدية والأحزاب والعشائر والطوائف والعائلات»، مضيفاً: «كل هؤلاء متآمرون على أملاك الدولة».

وقال إن 40 في المائة من المشاعات في البلاد «باتت أملاكاً خاصة ومقفلة ولا يمكن لأحد الدخول إليها».