يبدو انّ مسودة حل لإضراب القطاع العام قد تسلك طريقها الى التنفيذ وتعيد الموظف الى عمله، لكن بأي ثمن؟ وما التداعيات التي سيتحمّلها بقية افراد المجتمع؟ خصوصا انّ كل الحلول ستوصل الى الدوامة نفسها: طبع العملة يزيد التضخم ويرفع سعر الدولار في السوق السوداء.
لا يزال الجدل قائماً منذ العام 2017 حتى اليوم ما اذا كان اعطاء سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام يومها هو السبب الذي ادّى الى الانهيار المالي الذي نعيشه حالياً. والاكيد انّ هذا السيناريو مرشح ليتكرّر اليوم، من خلال تحميل موظفي القطاع العام استباقياً مسؤولية التضخم المفرط وارتفاع سعر الدولار الى مستويات قياسية في حال حصلوا على زيادة على الرواتب والاجور ووضعهم في مواجهة المجتمع بتحميلهم سبب ارتفاع الدولار الجمركي.
حتى الان، يبدو انّ تحرير المساعدة الاجتماعية التي اقرت للقطاع العام بات في مراحله الاخيرة، لكنها لن تكون كافيه لعودة الموظفين عن اضرابهم بانتظار تحسين الرواتب والاجور. فما الثمن المقبول الذي سيعيد الموظف الى عمله؟ وما ستكون تداعياته على المجتمع؟
في السياق يقول رئيس رابطة موظفي الدولة حسن وهبة انه ما عاد باستطاعة الحكومة ان تستمر من دون تعديل الدولار الجمركي لأنه وفق الموازنة فإن كل الرسوم موضوعة وفق سعر صرف 1500 ليرة، ومن الواضح اليوم انه وللتخفيف من حدة صرخة الناس فإنّ الحكومة تبحث عن كبش محرقة لتُلصق بها اسباب رفع الدولار الجمركي. ويبقى الموظفون الحلقة الاضعف، وقد وضعونا في مواجهة الناس تماما كما حصل يوم إقرار سلسلة الرتب والرواتب. يومها ألصقوا رفع الضرائب والرسوم والـTVA بنا، بدليل انها تقول اليوم انه من اجل رفع رواتب موظفي القطاع العام ليس امامها من خيار سوى رفع الدولار الجمركي.
وأكد وهبة انّ تحسين الرواتب ليس سببا لرفع الدولار الجمركي اذ يمكن ادراج بنود عدة في الموزانة تكون كفيلة بتأمين ايرادات للدولة، منها رفع رسوم الطائرات التي تحطّ في مطار بيروت، خصوصا ان كل الشركات أجنبية ولا تزال تدفعها بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف 1500 ليرة فهذا البند وحده كفيل بإدخال نحو 700 الف دولار يوميا الى خزينة الدولة وهذا المبلغ كفيل بتغطية زيادة الرواتب لموظفي القطاع العام، لذا نحن نشدد على ضرورة عدم ربط زيادة الاجور برفع الدولار الجمركي.
وعن الشروط التي تُعيد موظفي الدولة الى العمل، يقول وهبة ان رابطة موظفي القطاع العام طرحت مبادرة أمام وزير المال تقضي بإعطاء حوافز للموظفين الى جانب بدل النقل الذي هو 95 الف ليرة يوميا والى جانب المساعدة الاجتماعية التي تعادل راتباً، وتم توقيع مرسوم بشأنها أمس الاول، ويشترط للحصول على الحوافز الاضافية حضور الموظفين يوميا الى العمل وتقضي بحصول الموظف على 1/20 من راتبه كبدل اضافي بحيث اذا كان راتب الموظف مليونين ليرة يقسم على 20 يومَ حضور في الشهر يحصل على 200 الف ليرة اضافية في اليوم كحد ادنى. وبالمحصّلة سوف يحصل موظف القطاع العام بنتيجة هذه المبادرة على مليوني ليرة راتبه، ومليوني ليرة كمساعدة اجتماعية، ومليوني ليرة بدل نقل عن 20 يومَ حضور في الشهر (5 ايام في الاسبوع)، و4 ملايين حوافز اي بما مجموعه 10 ملايين ليرة في الشهر كحد ادنى. وأكد وهبة انّ هذا الطرح اذا ما تمّ السير به نعود الى العمل، على ان هذا الطرح هو جزئي وقابل للتعديل اذا ما تقلّب سعر الصرف صعودا.
وعن ردّه على اعتبار انّ هذه الرواتب قد تكون أكثر من رواتب القطاع الخاص قال: نعم صحيح لكننا لا نطالب بتصحيح رواتب. وأكد ان وزير المال وافق على هذا الطرح لكن الموضوع لا يزال عالقا عند رئيس الحكومة الذي يربط السير بهذه المبادرة برفع الدولار الجمركي. وقال ان مبلغ العشرة ملايين بالكاد تكفي الموظف ناهيك عن كلفة الاستشفاء والطبابة واقساط المدارس…