Site icon IMLebanon

الأمن العام ينظّم مؤتمراً عن انتقال الإرهاب: أنابيب الغاز تقود «الجهاد» إلى أفريقيا

 

سياسة   تقرير  

سلّط مؤتمر الأمن العام اللبناني أمس، تحت عنوان «اندحار الإرهاب في المنطقة وتأثيره على القارة الأفريقية»، الضوء على فصل قديم جديد من مسار الصراع في القارة «الجارة»، الذي تحتل الجماعات التكفيرية الحيز الأكبر منه

 

مع اندحار الإرهاب على مختلف أصنافه في المشرق العربي، بعد أن كان يتمّدد من قلب البادية العربية إلى شاطئ المتوسط الشرقي، مهدّداً دمشق وبغداد وبيروت وعمان، باتت أفريقيا وجهة «الجهاديين» الجديدة. يمكن القول إن انفلاش الإرهاب المتوقّع في السنوات المقبلة، من شواطئ الأطلسي في الغرب إلى القرن الأفريقي، وما بينهما من أقاليم أفريقية متعددة، يدخل إلى مسرحٍ مليء بالثروات النفطية والنباتية وغارق في الفقر والجهل والنزعات القبلية والعشائرية والمناطقية، في بقعة تتنازع عليها أربع قوى كبرى في العالم، هي الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين والهند، فضلاً عن لاعبين آخرين، مثل دول أوروبا الغربية وإيران ودول الخليج وتركيا وإسرائيل.

فالجماعات التكفيرية، كما استفادت، ومن خلفها، من البنية الاجتماعية السورية والعراقية ولعبت على تناقضات التاريخ وأزمات الحاضر، تدخل تعديلات بنيوية على هيكلها الأفريقي الجديد، ليتناسب مع البنية الاجتماعية في مجتمعات مثل السودان والصومال ونيجيريا والنيجر وتشاد ومالي وصولاً إلى ليبيا والجزائر. أو كما سمّاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في كلمته أمس «الإرهاب الهجين»، الذي «يتكوّن من هيمنة قبلية مع جريمة منظمة، وبما يعكس تشابك العنف الديني مع التطرف القبلي».

في الأشهر الأخيرة الماضية، حذّر العديد من أجهزة الاستخبارات العالمية والإقليمية من بقعتين تعمل الجماعات الإرهابية على تركيز جهودها فيها، أولاها وسط القارة الأفريقية وشمالها، وشرق آسيا، حيث تكثّفت النشاطات الإرهابية في منطقة تشكل حزاماً يلف جنوب الصين في الصين الهندية، من ميانمار إلى الفيليبين. وللمفارقة، فإن هاتين البقعتين تشهدان صراعاً محتدماً على مصادر الطاقة والممرات البحرية والجغرافية، بين أميركا والصين وروسيا بشكل رئيسي، في مشهد مشابه لما حصل في الشرق، وكأن وجهة «الجهاديين» الدائمة هي أنابيب النفط والغاز والثروات وحيث تتشابك مصالح القوى الكبرى.

 

المشنوق خرج عن النص

في التاسعة والنصف من صباح أمس، انطلق افتتاح المؤتمر في فندق «فور سيزنز» في بيروت، بحضور عشرات ضباط الاستخبارات من الدول الصديقة للبنان والملحقين العسكريين والأمنيين، والسفير الروسي ألكسندر زاسبيكين. بداية، ألقى منظم المؤتمر العميد رياض طه كلمةً، ومن بعده رئيس المجلس القاري الأفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم عباس فواز، قبل أن يتحدث اللواء إبراهيم. وبعد كلمة إبراهيم، ألقى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، ممثلاً رئيس الجمهورية ميشال عون، كلمة مثيرة للجدل، في صلبها أكثر من رسالة سياسية، مع أنه يمثّل رئيس الجمهورية. بعد أن بدأ المشنوق بالتأكيد على أهمية عون، وعلى قدرته على حلّ أزمة تشكيل الحكومة الحالية، قائلاً إنه «واحد من الرجال، المعنيين والمسؤولين وفق النص الدستوري عن الوقوف وحماية لبنان من أي كبوة يقع فيها، وهو على قدر هذه المسؤولية»، وأكد أن «التجربة اللبنانية استطاعت أن تسقط الكثير من الأوهام والاتهامات التي حاول البعض تحميلها لبيئة معينة أو طائفة معينة».

 

إبراهيم انتقد المجتمع الدولي داعياً إياه إلى التوقف عن توجيه التعليمات عن بعد

 

وذكر المشنوق أنه «ربما ينسى الواحد منا أننا عشنا سنوات طويلة كانت تسمى طرابلس قندهار. وتبين أنها طرابلس الاعتدال، والشمال كله شمال الاعتدال، وشمال الولاء للدولة وشمال التأكيد على وطنية كل مقيم فيه». ولم ينسَ المشنوق، بلسان رئيس الجمهورية، أن يتطرّق إلى ما سمّاه «الاختلالات الخطيرة في مسألة حصرية السلاح»، فمرّر رسالته بالقول إن «هذا الأمر (الاعتدال) استمر حتى حين بدا أن الإرهاب قد يكون الرد على الاختلالات الخطيرة في مسألة حصرية السلاح في لبنان بيد الدولة»!

 

إبراهيم: لوقف الاستثمار في الإرهاب

من جهته، بدأ المدير العام للأمن العام بإبلاغ الحاضرين أن مدير وكالة الاستخبارات النيجيرية أحمد أبو بكر لن يتمكن من المشاركة في أعمال المؤتمر، وأنه اضطر للعودة إلى العاصمة النيجيرية بعد هجوم إرهابي أول من أمس استهدف الجيش النيجيري، وأدى إلى وقوع إصابات كبيرة في صفوف القوات المسلحة. ثم تابع مؤكّداً أن الإرهاب عدو مشترك بين البشر، منتقداً المجتمع الدولي، وداعياً إياه إلى «التوقف عن توجيه التعليمات عن بعد والتحول نحو الانخراط الجدي وبالتساوي في المعركة المفتوحة». وأشار إبراهيم إلى عدة نقاط وجب التوقّف عندها لتحديد أسباب انتشار الإرهاب في أفريقيا، ومنها اندثار الجماعات الإرهابية في الشرق، والتغيّر النوعي في طبيعة أنشطة الجماعات الإرهابية التي أصبحت عابرة للحدود والقارات، ونجاح الحركات الإرهابية في توظيف الصناعة الإلكترونية في خدمة أغراضها الارهابية. وقال إبراهيم إنه على الرغم من النجاحات، إلا أن الإرهاب قادر الآن على شنّ هجمات بـ«أسلحة سهلة متوفرة» كعمليات الدهس أو الهجمات الفردية من «الذئاب المنفردة».

وأكد المدير العام للأمن العام أن المطلوب الآن هو تضافر الجهود للعمل على منع انتقال الإرهابيين، وقطع أوصالهم وخطوط تواصلهم وإمداداتهم، وحرمانهم من الموارد التي تعزز إيديولوجياتهم، وبعض هذه الموارد تقف خلفها جهات لا أفراد، وملاحقتهم عبر الشبكات الإلكترونية واعتماد إجراءات موحدة لتبادل المعلومات الاستخبارية. لكن الأهم هو دعوة إبراهيم بعض الدول إلى وقف الاستثمار في الإرهاب في بعض محطات عملها السياسي ومحاربته في المحطات الأخرى.

وفيما عقدت أمس ثلاث جلسات تحت عناوين: «تطور الإرهاب في الشرق الأوسط»، و«اندحار التنظيمات الإرهابية في المنطقة وعلاقتها بالقارة الأفريقية»، و«تجربة لبنان في دحر الإرهاب»، تعقد اليوم جلستان، الأولى بعنوان «نمو الإرهاب في أفريقيا»، والثانية بعنوان «آفاق تسوية النزاعات ومكافحة الإرهاب».