بَلبلة جديدة على الساحة اللبنانية، خطٌّ طويل من الناس الذين بَلّلهم المطر، ساعات انتظار طويلة، أصوات تتعالى، كلّ ذلك بسبب القرار الملح باستبدال جواز السفر.
أصدرَت المديرية العامة للأمن العام منذ نحو أسبوعين بياناً أعلنَت فيه أنّه والتزاماً بالمعايير المفروضة من منظّمة الطيران المدني الدولي، يجب على حاملي جوازات سفر مجدّدة أو جوازات سفر تتضمَّن مرافقين استبدالها بجوازات جديدة في حال رغبتهم بالسفر، وقد خلقَ هذا الأمر ضغطاً بشَرياً على مراكز الأمن العام، وخصوصاً في بيروت، من أجل الحصول على جوازات سفر جديدة.
زحمة الجوازات
أمام مدخل الأمن العام، قوافل الناس تملأ كلّ المساحات والساحات، من كلّ الأعمار والمناطق توافَدوا، والهدف واحد: إستبدال جواز السفر. وفي السياق يقول أحد المواطنين لـ«الجمهورية» إنّ «التوقيتَ غير ملائم لهكذا قرار، فجميعُ الناس أوقَفوا عطلَهم لإتمام هذا الإجراء».
وسيّدةٌ أخرى تقول: «غداً موعد سَفري، اضطررتُ لاستبدال جواز سفري اليوم وسأدفَع 105000 لكي يكون جوازي مستعجلاً وإلّا أخسر ثمن بطاقة السفر، ولكن الشباب في الأمن العام يتعاملون معنا بكل لياقة وتهذيب».
كلّ هذه الالتباسات التي واجهَت المواطنين، دفعَت المديرية العامة للأمن العام إلى عَقد مؤتمر صحافي أمس، لتوضيح أسباب هذا التعميم، وذلك على لسان رئيس قسم دائرة الجوازات اللبنانية في المديرية الرائد علي ترمس، الذي أشار إلى أنّ «المديرية العامة للطيران المدني الدولي (إيكاو) هي التي ترعى كلَّ الطيران في دوَل العالم، وهي التي أصدرَت توصيات تنصّ على أنّ كلّ جوازات السفر غير المقروءة آليّاً يجب أن تُبطل مع نهاية الـ 2015»، موضحاً أنّ «جواز السفر اللبناني الحالي هو جَواز مقروء آليّاً ولا مشكلة حوله في مطارات العالم، إلّا أنّ المشكلة هي في الصفحة الرابعة، فإذا كان الجواز مجدّداً أو مكتوباً عليه كلمة «مرافقون» في الصفحة 47، فإنّ ذلك يؤدّي إلى إشكالات في المطارات العالمية».
وأضاف: «تَبلّغنا ضرورة إيقاف جوازات السفر التي عليها «تجديد» و«مرافقون»، وعندما سألتنا منظّمة الطيران المدني الدولي في أواخر العام 2012 عمّا إذا كنّا على جهوزية اعتباراً من 24/11/2015 بألّا يكون لدينا جوازات غير مقروءة آليّاً، أي مجدّدة وعليها «مرافقون»، أجَبنا بأنّنا سنكون على استعداد لذلك، وبالفعل بدأنا باتّخاذ إجراءاتنا على هذا الأساس».
ولفتَ إلى «أنّنا تَبلّغنا هذا الأمر في اليوم الأخير من العام 2012، وقمنا في العام 2013 بتعديل التعليمات التي تسمح بالتجديد للمرافقين ولم نعُد نسمح بالمرافقين كمرحلة أولى وبعد سنة لم نعُد نسمح بالتجديد»، مشيراً إلى أنّ «المشكلة واجَهها الذين جدّدوا جوازات سَفرهم لمدّة خمس سنوات وبقيَ لديهم صلاحية في جوازاتهم لسنَتين أو ثلاث كحدّ أقصى، لأنّه اعتباراً من مطلع العام 2015 لم يتمّ تجديد أيّ جواز».
وأوضَح أنّ «هؤلاء يمكنهم السفر من مطار بيروت، لكنّ دوَلاً كثيرة بدأت بتطبيق توصيات المنظمة الدولية للطيران المدني، وبالتالي لا تَسمح للّبناني بدخول أراضيها إذا كان الجواز مجدّداً، وهناك مثالٌ عن مواطن لبناني حائز على الإقامة في جنوب أفريقيا وجوازه مجدّد فلم يُسمح له بدخول أراضيها».
وأضاف ترمس: «وردَت إلى المديرية العامة للأمن العام كتُب تُبَلّغها بما يحصل مع اللبنانيين في الخارج، لذلك أصدرنا بياناً يطلب ممّن يحمل جوازَ سفر مكتوباً عليه «مجدد» أو «مرافقون» أن يغيّره حتى يُخفّف الضَرر عن المسافر اللبناني»، معلِناً عن «تمديد دوام العمل في قسم الجوازات حتى الساعة الرابعة، من أجل خدمة أكبر عدد من المواطنين الذين يرغبون في تغيير جواز سفرهم ولمدّة شهر».
أمّا عن الفقرة الموجودة على موقع المديرية والتي تشير إلى أنّه في حال تبيّنَ أنّ الخطأ على عاتق الإدارة، على المواطن مراجعة المركز لاستبدال الجواز من دون استيفاء أيّ رسوم جديدة، وعن تعارُضها مع ما يحصل اليوم، أشار ترمس إلى أنّ «هذه الفقرة تتعلّق بالخطأ المادّي بإنجاز الجواز، أي خطأ بطباعة الإسم مثلاً أو غيره، إذ يُستبدَل الجواز على نفقة الإدارة خلال مهلة شهر من دون أن يكون قد استُعمل»، لافتاً إلى «أنّه سيصدر تعميم آخر يوضح هذا الموضوع أكثر، فنحن لم نُلزم أحداً بتبديل جوازه، بل أبلغناهم بالمشاكل التي قد تعترضهم في حال لم يجدّدوها، وكلّ مَن يريد السفر بجوازٍ مجدّد تكون السَفرة على مسؤوليته، خصوصاً أنّ بعض الدول لم يلتزم هذه القرارات ويمكن السَفر إليها بهذا الجواز».
وأكّد ترمس أنّ «خَفض الرسوم أو رَفعها يتطلبان مراجعة قانون، فلا أستطيع بقرارٍ شخصي إعفاءَ شخص من دفع الرسوم لأنّه خسرَ عددَ سنوات في جوازه المُجدّد، كما لا يمكن الإجماع بأنّ الجميع تضَرّر من هذا الإجراء سوى الأشخاص المضطرّين للسفر إلى الدول التي اعتمدت الجوازات المقروءة آليّاً فقط، قبل أن تنتهي صلاحية جوازهم المجدَّد».
وأشار إلى أنّ «مَن لديه فيزا على جوازه المجدّد تُضَمّ لجوازه الجديد بشكلٍ رسمي وتبقى صالحة»، مؤكّداً أنّ «الجواز الجديد لن يتعارض مع الجواز البيوميتري لاحقاً».
وعن عِلم الدولة بهذا القرار منذ العام 2005، أجابَ ترمس أنّ «منظّمة الطيران المدني الدولي قرّرَت البَدء آنذاك بهذه العملية، لكنّها لاحظت عدمَ جهوزية معظم البلدان لها، وعادت لتمديد المهَل إلى أن كان التمديد الأخير في الـ 2015، ولكي لا تُعاد قضية جوازات السفر الفلسطينية، أصدرنا التعميم».
الجدير ذكرُه هو أنّ جوازات السفر البيومترية الجديدة ستُعتمَد اعتباراً من مطلع الصيف المقبل، وستكون أبواب الأمن العام مفتوحة أمام اللبنانيين للحصول على هذه الجوازات التي تمَّ تلزيمها وتُطبَع حالياً.