IMLebanon

محكمة المطبوعات تحاكم إيران  

 

 

قد يستغرب البعض هذا العنوان إذ كيف يمكن لمحكمة المطبوعات أن تحاكم دولة أجنبية؟!

 

بالحقيقة الذي تسنّى له أن يحضر جلسة محاكمة جريدة «نداء الوطن» والزميلين بشارة شربل وجورج برباري أمس ويستمع الى المرافعة القيّمة التي ألقاها الوزير السابق الاستاذ بطرس حرب يقدّر عالياً هذه الوثيقة المهمة التي جاءت شهادة للحريات في بلد الحريات لبنان.

أولاً: الحفاظ على الحريات إذ أنّ لبنان لا يعود له الميزة التي يتمتع بها من دون الحرية.

ثانياً: هناك فريقان في لبنان فريق ضد السلاح والفريق الآخر الذي يقرر الحرب أو السلم، وقد أعلن غير مرة السيّد حسن نصرالله ذلك ملتزماً الموقف الايراني، بقوله: أنا جندي في جيش ولاية الفقيه، ثم قوله: لو تعرضت إيران الى أي اعتداء فإنّ صواريخ «حزب الله» سوف تمطر إسرائيل… يعني أنّ السيّد أخذ قرار الحرب من دون العودة الى رئيس الجمهورية ومن دون العودة الى مجلس الوزراء اللذين لهما الحق باتخاذ قرار الحرب والسلم بموجب الدستور اللبناني.

 

ثالثاِ: ان رئيس الحكومة أعلن من أبوظبي تبرؤه من سياسات «حزب الله» والمطالبة بالتعامل معه كقوة إقليمية وليست محلية، هو الكلام الأكثر تعبيراً عن الواقع اللبناني الذي تتفهمه ابوظبي العارفة بعدم قدرة رئيس الحكومة وفريقه السياسي على القيام بأي خطوة تصعيدية في مواجهة ما تعتبره خرق «حزب الله» المستمر لسياسة النأي بالنفس وتدخله في الصراعات العربية سياسياً وعسكرياً، وانتقاده المستمر لسياساتها في المنطقة من بوابة اليمن، وكان الحريري صريحاً في مقاربته للموقف اللبناني حيث اكد في اللقاءات الجانبية عدم القدرة على تغيير الوضع القائم شارحاً تعقيدات الأوضاع الداخلية التي تجعل من الفريق السياسي المعارض لمواقف «حزب الله» أقلية.

 

رابعاً: ان الدعوى هي ادعاء ضدّ حرية الرأي والعقيدة والكتابة والنشر، وأنّ الإدعاء على نداء الوطن بجريمة القدح والذم ليْس عادياً… فالقضية أبعد من ذلك بكثير:

 

– القضية قضية نظام سياسي، قضية هوية هذا النظام.

 

– القضية قضية حق المواطنين اللبنانيين الدستوري في إبداء رأيهم في القضايا العامة.

 

– القضية هي مصير نظامنا السياسي الديموقراطي.

 

– الحفاظ على حرية اللبنانيين شرطاً أساساً لبقاء لبنان.

 

– لبنان البلد العربي الوحيد الذي فيه رؤساء سابقون أحياء غير منفيين أو هاربين الى الخارج.

 

– ولدنا في مجتمع حر، عشنا أحراراً وسنموت أحراراً.

 

خامساً: ومتوجهاً الى هيئة المحكمة قال حرب: إنّ متابعة موجة ردود الفعل على الإدعاء على «نداء الوطن» تلقي الضوء على مدى إهتمام اللبنانيين بما يمكن أن يصدر عنكم من حكم، مراهنين على صلابة المبادئ التي قام عليها نظامنا السياسي، وعلى أن القضاء، كسلطة مستقلة ثالثة في هذا النظام، لا يزال حراً رغم المحاولات الجاهدة التي يبذلها بعض أهل السلطة لتدجينه وتحويله الى أداة في يده للتنكيل بكل من يتجرّأ على معارضتهم أو انتقادهم.

 

سادساً: تعداد تصرفات «حزب الله» التابع لإيران ثم الخلاصة الآتية: وبالنظر لسكوت السلطة عن كل ذلك، ما يشكل استسلاماً وتخاذلاً من قبلها، إستاء قسم كبير من اللبنانيين، ولا سيما أولئك، الذين لا يرون قائداً لهم إلاّ رئيس الجمهورية اللبنانية، ولا سيداً لهم إلاّ دستورهم وقوانينهم، ولا عزيز لهم إلاّ لبنان، وأنهم كما لا يشركون في الدين، يرفضون الإشراك في الولاء للبنان والطاعة لغير لبنان وسلطاته الدستورية، وأنهم لا يقبلون بإيران ومرشدها الروحي، ولا بالمملكة العربية السعودية وملكها، ولا بالولايات المتحدة ورئيسها، ولا الدول الغربية أو الشرقية قادة لهم وسادة عليهم، لأنهم أحرار في دولتهم السيدة المستقلة، يقررون هم مصيرهم ولا يملي عليهم أحد هذا المصير، شاءت صحيفة «نداء الوطن» التعبير عن رفضهم هذا، وعن عدم قبولهم بأي اعتداء على سيادتهم ودولتهم ورئيسهم وسلطاته الدستورية، مطالبة باحترام رئيس جمهوريتهم وصلاحياته وباحترام موقع الرئاسة، من دون توجيه أي عبارة تنم عن ذم أو قدح أو تحقير لشخص رئيس البلاد، مؤكدة في مقالها على لقبه كفخامة الرئيس وعلى احترام موقع الرئاسة وعلى وجوب عدم مصادرة صلاحياته.

 

باختصار: ان لبنان بلد الحريات كان وسيبقى، وأي معركة ضد الحريات خاسرة، والتدخل الايراني في شؤون لبنان الداخلية سينتهي مهما طال… كما انتهى غيره منذ ما قبل الاسكندر المقدوني حتى اليوم.

 

عوني الكعكي