Site icon IMLebanon

قوة بوتين المغامر  أم ضعف الآخرين ؟ 

الرئيس فلاديمير بوتين على حق في المفاخرة بأن كل الخطوط مفتوحة مع موسكو الثابتة في المواقف. فلا بلد، بما في ذلك أميركا التي لا يستغنى عنها حسب الشعار الذي رفعه رؤساؤها، يستطيع اليوم أن يستغني عما يمكن أن يسمى الاتصال الروسي. واذا كان المثل الذي أعطاه بوتين هو قدرة روسيا على التعاون بسهولة مع الأسد وأميركا في آن، فإن هذا المثل قابل للتعميم الواسع بعد الانخراط المباشر في حرب سوريا. لا بل ان ما كان شبه عزلة بعد ضم شبه جزيرة القرم، صار انفتاحاً كامل الأوصاف بعد العملية العسكرية الروسية في سوريا. وما حاوله الرئيس باراك أوباما من تصغير لدور روسيا بالقول قبل عامين إنه دور قوة اقليمية عظمى اصطدم بما أثبته بوتين على المسرح السوري، وهو دور قوة دولية عظمى. 

ذلك ان روسيا تحمي النظام السوري، وتستقبل المعارضين في الداخل والخارج بمن فيهم الذين يتحدثون عن الاحتلال الروسي والايراني لسوريا. تقصف المعارضة المسلحة التي تدعمها السعودية وقطر وتركيا، وتستقبل مسؤولين كباراً سعوديين وقطريين، وكانت الى ما قبل اسقاط تركيا لطائرة السوخوي في علاقات حارة مع أنقرة وبشكل خاص بين بوتين والرئيس رجب طيب اردوغان الذي هاجسه اسقاط الرئيس بشار الأسد بعد صداقة قوية معه. تتحالف مع طهران وحلفائها في محور المقاومة والممانعة، وتنسق مع اسرائيل تنظيم سير الطائرات في أجواء سوريا. تمسك بخيوط اللعبة في الحرب، وتفرض على أميركا وبقية المجموعة الدولية لدعم سوريا تصورها لخطوط التسوية السياسية وخارطة الطريق اليها. 

والسر، في نظر بوتين، هو صدقية موسكو وممارستها العقلانية، وعدم نقض العهود وعدم الإخلال بتنفيذ الالتزامات التي تتعهدها، والثبات في المواقف من دون حاجة الى النط بين مكان وآخر كالبرغوث على حبل جر الحيوانات. وهذا عكس ما تعززه الوقائع في مواقف أميركا التي وصلت في عهد أوباما الى حد انها لم تعد تطمئن صديقاً ولا تخيف خصماً، لا بل التي اختصر سيرتها الدكتور هنري كيسنجر من باب الخبرة المباشرة بالقول انه اذا كانت عداوة أميركا خطرة، فان صداقتها مميتة. 

لكن من الصعب تجاهل سؤال لدى كثيرين هنا وفي أميركا: هل السر كله هو في ثبات المواقف الروسية وقوة بوتين الذي يقوم بمغامرات محسوبة في استخدام القوة أم ان الجانب الآخر للسر هو براغماتية أميركا وتردد أوباما أو ضعفه وضعف الدول والقوى التي تدور في الفلك الأميركي؟ 

الجواب في لعبة المصالح الحيوية للكبار، لا في تمنيات الصغار.