IMLebanon

بوتين وكاترين الكبيرة : صعوبة تكرار السيناريو

 

ليس بالأبعاد السورية وحدها يقاس الدخول العسكري الروسي المباشر في حرب سوريا. فلا هو مجرد ما وصفته المسؤولة الأوروبية فيديريكا موغيريني بأنه تغيير قواعد اللعبة. ولا هو محصور بمفهوم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية لما سمته الدور الخاص لروسيا في الشرق الاوسط. واذا كان الرئيس فلاديمير بوتين ينتقد رفض اميركا للتعاون مع روسيا على حل سياسي، فانه يتجاهل كون حسابات واشنطن أوسع من رفض تسوية تحاول موسكو فرضها بالقوة عبر تغيير موازين القوى على الأرض لمصلحة الرئيس بشار الاسد والنظام. حتى التشابه التاريخي الذي اشار اليه سيمون سيباغ مونتيفيوري مؤلف كتاب آل رومانوف ١٦١٣ – ١٩١٨ في مقال نشرته النيويورك تايمس تحت عنوان مغامرة بوتين الامبراطورية، فان ظروفه وحساباته مختلفة في عالم تغير كثيراً بين القرن الثامن عشر والقرن الحادي والعشرين.

ذلك ان بوتين، كما يراه مونتيفيوري، يسير على خطى كاترين الكبيرة. لا بل يضع بين الاحتمالات ان يكرر نهاية سنياريو حرب كاترين على السلطنة العثمانية. ففي عام ١٧٦٨ قررت كاترين الحرب على اسطنبول، وأرسلت الكونت ألكسي أورلوف شقيق عشيقها غريغوري على رأس اسطول بحر البلطيق عبر جبل طارق، حيث دمر اسطول السلطنة. وفي العام ١٧٧٢ قصفت القوات الروسية بيروت واحتلتها ثم قصفت المدن السورية لدعم علي باشا وضاهر العمر في سعيهما للسيطرة على دمشق من دون نجاح. وفي العام ١٧٧٤ تخلت روسيا عن حلفائها مقابل تنازلات قدمتها السلطنة لموسكو في أوكرانيا والقرم.

واليوم يتصور مونتيفيوري ان بوتين قد يكمل طريق كاترين ويقايض النفوذ في سوريا بانهاء العقوبات الغربية وضمان ضمّه للقرم. وحجته ان هذا العرض العسكري يتعلق بالبقاء السياسي لبوتين، لأن دفاعه عن حكم أوتوقراطي في سوريا هو دفاع عن سلطته وحكمه الأوتوقراطي ضد ثورة أو عصيان.

لكن التاريخ ليس محكوماً بأن يعيد نفسه دائماً. لا على صورة ملهاة بعد المأساة حسب القول الشهير لكارل ماركس. ولا على صورة أشدّ مأسوية في المرة الثانية من المرة الأولى. فمن الصعب بالنسبة الى بوتين كما الى الرئيس باراك أوباما وقادة أوروبا اختصار كل ما في حرب سوريا من أبعاد محلية واقليمية ودولية وما يراد تحقيقه من أهداف عبرها بصفقة حول أوكرانيا، وان كانت الأحاديث علنية عن مثل هذه الصفقة ضمن الأهداف. ومن المفارقات اختصار كل الأزمة السورية بخطر داعش، ثم توجيه الضربات الروسية نحو أهداف قليلها لداعش وكثيرها لتنظيمات المعارضة المسلحة، مع تسليط الأضواء على الفشل الأميركي في إضعاف داعش على مدى أكثر من عام.