Site icon IMLebanon

بوتين و«المُعجزات» بعصا «مكافحة الإرهاب»

«الأمر يحتاج إلى معجزة»، بهذه العبارة علّق وزير الخارجية السورية وليد المعلم على ما فاجأه به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين صرّح أمام الصحافيين خلال إستقباله له، ودعا الى حلف رباعي يتمّ من خلاله تجاوز الخلافات بين سوريا وتركيا والسعودية والأردن لمحاربة الإرهاب الذي وصفه بالشرّ المطلَق.

إلّا أنّ المعلم لم يقف عند الشطر الأوّل بل أضاف له، وهذا ما لم يأخذ حقه من التداول الإعلامي، «الرئيس بوتين إعتاد على صنع المعجزات»، وهي لازمة يُصرّ المعلم على تكرارها أمام زواره من سياسيين وصحافيين في الآونة الأخيرة.

وبعد أيام مَعدودات على تصريح «المعجزة»، تسرّب خبر اللقاء الذي جمَع وليّ وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس جهاز الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، في لقاء وُصف بمجرّد حدوثه، بأنّه أحد دلائل إقتراب تلك «المعجزة» من التحقق.

وفيما تفاءل البعض وتشاءم البعض الآخر من كلا الطرفين المتقاتلين في المنطقة، جاءت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجُبير من العاصمة موسكو والمطالبة بإخراج الرئيس بشار الأسد من المعادلة، لتعيد خلط الأوراق مجدّداً ولتبدو «المعجزة» غير قابلة للحدوث.

لكنّ عارفين بالأمر من ديبلوماسيين روس يُبرّرون تصريحات الجبير بالقول: «الاصدقاء السعوديون غير قادرين على الإستدارة في الموقف السوري علناً، ولديهم حال شعبية داخل المملكة رافضة للإنفتاح على سوريا الأسد ويخشى من توظيفها لمواجهة الحكم الجديد، الذي للقيادة الروسية مصلحة في الحفاظ عليه في ظلّ التحوّلات الكبرى في المنطقة وتقدّم «الإسلاميين» في الميادين السياسية والعسكرية».

ويضيف المصدر الروسي: «لذا وجب تفهّم كلام الجبير وعدم إحراج المملكة بالكثير من الكلام، فيما المطلوب بعض الافعال التي من شأنها تحضير مسرح عمليات جدّي لمكافحة الإرهاب بعدما عجز التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية عن القضاء على «داعش»، بل حتى عن الحدّ من توسع نفوذه»، طالباً بعض الوقت للوصول إلى مخرج لا يُحرج المملكة ويُحقق الهدف الأهم المتمثل بمكافحة الإرهاب.

وعن المخرج، يرى مصدر مصري – على صلة بالرئاسة – أنه يمكن لـ»ثلاثي الإعتدال العربي» المتمثل بمصر والإمارات والأردن تمهيد الطريق الى دمشق عبر البوابة الروسية وتحت سقف «مكافحة الإرهاب» الذي بدأ يضرب داخل اسوار «دول الإعتدال» نفسها.

إشارات هذا المخرج بدأت معالمها في جدول اعمال الرئيس فلاديمير بوتين الذي إستقبل أمس الملك الأردني عبد الله الثاني وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان. وقبيل إنعقاد القمة الروسية – المصرية في موسكو اليوم، التي وصلها الرئيس عبد الفتاح السيسي على رأس وفد مصري حكومي واعلامي رفيع.

وتتقاطع مصادر العاصمة الروسية على أنّ المحادثات بين بوتين وضيوفه الثلاثة الكبار ستنقسم الى شقين: الأول ذو طابع اقتصادي خصوصاً بناء محطات طاقة «كهرذرية» في مصر والأردن بمساعدة روسية. فيما يبدأ الشق الثاني بعنوان «مكافحة الإرهاب» ليصل الى تفاصيل تسوية الأزمة السورية التي لا تفصلها القيادة الروسية عن سياق مكافحة الإرهاب والتي تتقدّم على كلّ ما عداها من ملفات في الشرق الأوسط بالنسبة لها.

ويذهب المصدر المصري للقول: «اليوم ثلاثي الإعتدال العربي في موسكو، وفي الخريف المقبل ستحطّ طائرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في روسيا، ومع بداية الخريف سينتهي فصل «الربيع العربي» الذي جلب الويل لكلّ دول المنطقة».

الخريف الذي يراهن المبعوث الأممي ستيفان دو ميستورا عليه حين يُصدّق الكونغرس الاميركي ومجلس الشورى الايراني على الإتفاق النووي، وتنطلق من بعده عجلة الحوار الايراني – الخليجي الذي ستبدأ أولى جلساته في أروقة الأمم المتحدة في ايلول المقبل خلال إنعقاد الدورة 70 للجمعية العامة، كما سبق وكشف المعلم في حديث الى «الجمهورية».

وعليه يبدو أنّ علينا انتظار الخريف لنتحقّق من أنّ «زمن المعجزات» السياسية لم ينتهِ بعد، واذا ما كانت عصا بوتين قادرة على تحريك مياه الجفاء العربي التي تكاد تتجمّد وحولاً متحرّكة تغرق المنطقة بمَن فيها من شعوب.

ويبقى السؤال ماذا عن تركيا؟ وهل يمكن للحلّ أن يقع من دون إشراك جار سوريا و»الشريك في صناعة الخراب داخل سوريا»، كما تصفه القيادة السورية؟ وهي التي تتقاطع كلّ من السعودية ومصر وسوريا على خصومتها التي تصل إلى حدّ العداء؟