IMLebanon

بوتين السوري  وأوباما الأوكراني

الرئيس فلاديمير بوتين يحاول تصحيح القراءات الاقليمية والدولية في قراره الأخير. والتركيز هو، بطبائع الأمور، على المعلن لا على المخفي من أهداف موسكو، وبالتالي على القراءات في السطور، لا بين السطور. فما سمي الانسحاب العسكري الجزئي ليس انسحاباً بل مجرد سحب قوات وأسلحة انتهت الحاجة اليها. وما جرى ويجري سحبه يمكن أن يعاد الى المسرح السوري خلال ساعات اذا اقتضت الضرورة، وإن خفف الرئيس الروسي وقع ذلك بالقول إن التصعيد العسكري ليس خيارنا.

وليس قليلاً ما حققه بوتين من أهداف بالتدخل العسكري في حرب سوريا. ولا ما يريد تحقيقه بسحب القسم الأكبر من قواته، وهو يعلن مواصلة كل أشكال الدعم للجيش السوري الذي استعاد المبادرة الاستراتيجية تحت المظلة الجوية الروسية.

فهو قال منذ البدء إن موسكو لا تنوي التورط في النزاع السوري الداخلي. وسلّط الضوء على دعم النظام ومكافحة الارهاب لئلا يصل الى أراضينا. وما يضعه حالياً في باب النجاح هو تقليص خطر الارهاب، واطلاق عملية سياسية. فضلاً عن هدف يتجاوز سوريا الى تعاون ايجابي مع أميركا، بعدما استعاد دور موسكو كقوة عالمية عظمى، وفرض على واشنطن الشراكة في ادارة النظام العالمي ورسم النظام الاقليمي في الشرق الأوسط.

لكن من الصعب الحفاظ على كل النجاحات والأرباح أو تجنب الخسائر، إن لم تصمد الهدنة وتصبح وقف نار، وتتحرك العملية السياسية نحو تسوية تضمن الديمقراطية والانتقال السياسي الى حكم ذي صدقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية حسب القرار ٢٢٥٤. واذا كان القضاء على داعش، وهو من أهم الأهداف المعلنة، لم يتحقق الا في حدود قليلة وجزئية لم تمنع دولة الخلافة من الهجوم والتمدد، فإن ما لم يتحقق من الأهداف غير المعلنة رسمياً واللاغائبة عن الاهتمامات في الكواليس، مهم وحيوي وحساس بالنسبة الى بوتين.

ذلك ان من بين ما أراده سيد الكرملين عبر التدخل العسكري في حرب سوريا وفتح الطريق الى حل سياسي، ترتيب صفقة تنهي العقوبات الأميركية والأوروبية على روسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم واللعب بوحدة أوكرانيا. لكن الرئيس باراك أوباما الذي يرى أن الشرق الأوسط كله، لا فقط سوريا لم يعد مهماً للمصالح الأميركية حسب ذي اتلانتيك تمنى له حظاً طيباً في واقع معقد، ورفض أية صفقة حول أوكرانيا على أساس أن ما في سوريا شيء، وما في أوكرانيا شيء آخر.

والسؤال الحائر، وسط كثرة الأجوبة، هو: ما مدى العمق أو الاكتفاء بالسطح في التفاهم الروسي – الأميركي حول سوريا؟