قال فلاديمير بوتين لصحيفة “بيلد” الألمانية: “اعتقد أنه من السابق لأوانه البحث في مسألة إعطاء الرئيس بشار الاسد حق اللجوء… وانه يجب تغيير الدستور في سوريا”، هذا الكلام يعني ضمناً ان مسألة إعطاء الأسد حق اللجوء شبعت درساً في موسكو، وان هناك موعداً يقترب ليحزم الاسد حقائبه ويرتدي معاطفه السميكة ويطير نهائياً الى روسيا.
ليس في فهمنا لكلام بوتين أي مبالغة، وخصوصاً عندما يقول “إن روسيا منحت إدوارد سنودن العميل الأميركي السابق في وكالة الأمن القومي الأميركي اللجوء، وكان الأمر أصعب من فرضية منح الأسد اللجوء”، بما يوحي أنه اذا كان سنودن حصل على اللجوء على رغم معارضة واشنطن وانعكاس القرار سلباً على علاقات البلدين، فإن لجوء الأسد الى روسيا سيقابل بالتصفيق.
هذا التصفيق سيأتي ليس من غالبية الشعب السوري وحده بل من دول العالم، وربما حتى من ايران التي تعبت من فواتير دعمها لنظام لم يعد قابلاً للبقاء، ومن “حزب الله” الذي يَخسر في دعمه للأسد عدداً غير قليل من رجاله، وإيضاً صورته السابقة كمناضل يقاتل العدو الإسرائيلي!
كل هذا ليس خافياً على بوتين وإن كان يكرر دائماً انه يجب إعطاء الشعب السوري الفرصة لتقرير مصيره، وهو يدرك تماماً ان قرار من تبقى من السوريين بعد الذين ذهبوا الى المقابر والى اللجوء والتيه، ليس طبعاً التمسك بالأسد بل بحل ينهي القتال الذي دمر بيوتهم وقراهم والذي يسمح لهم بالعودة للملمة جروحهم وجروح بلدهم.
بوتين لم يتردد في القول إن الأسد ارتكب أخطاء عدة منذ اندلاع النزاع في عام ٢٠١١، وهو يدعو صراحة الى وضع دستور جديد لسوريا، في اشارة واضحة الى أنه كان في وسع الاسد تقديم بعض الإصلاحات التي طالبت بها المعارضة في البداية بدلاً من مقابلة الأمر بالعنف، الذي سرعان ما وجد من يرد عليه من الخارج بدعم المعارضة، وهذا يذكّر الكثيرين بان السيد حسن نصرالله الذي يقاتل الى جانب الأسد سبق له ان قال صراحة، إن على الأسد ان يستجيب للمطالب الشعبية.
يعرف بوتين انه لن يتمكن من ان يعيد سلطة الأسد على كل سوريا، ربما يستطيع ان يقيم له الكانتون العلوي الممتد من مرفأ طرطوس الى مدينة اللاذقية مروراً بمدينتي بانياس وجبلة، وسيكون هذا مثل “الدونباس” الذي أقامه للمتمردين في شرق أوكرانيا، وكلامه عن احتمال لجوء الأسد يذكر بما قاله في مؤتمره الصحافي السنوي في ٢٠ كانون الأول عام ٢٠١٢: “نحن ندرك ان عائلة الأسد موجودة في السلطة منذ اربعين عاماً ولا ريب في ان التغيير لا بد منه”… فهل آن آوان اللجوء والتغيير؟