نجح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى الآن في جذب العالم الى الملعب السوري فارضاً على الخصوم والحلفاء اللعب بشروطه الى حد بعيد. وحدد عند الانطلاق في العملية العسكرية اهدافها وسقفها الزمني على النحو الآتي: محاربة الارهاب وإيجاد حل سياسي في حدود أربعة أشهر.
في لبنان باشر السفير الروسي ألكسندر زاسبكين فور تبلغه قرار الدوما الروسي تغطية العملية في سوريا بعقد لقاءات عاجلة مع المسؤولين وسلمهم نسخة عن القرار. ما اهتم به “حزب الله” في القرار، هو عزم روسيا على استخدام سلاحيّ الطيران والصواريخ، والسبب يعود الى الاتفاق الذي عقده مسؤول إيراني كبير بتكليف من المرشد الامام علي خامنئي في موسكو عشية العملية الروسية يقضي بتوفير بوتين التغطية الجوية الكاملة مقابل توفير طهران التغطية البرية الكاملة. وهكذا يريد الرئيس الروسي أن يحقق مكاسبه جوا بينما يريد ولي الفقيه الايراني تحقيق مكاسبه أرضا. أما الرئيس السوري بشار الاسد فهو عالق ما بين الجو والارض ليتبين أي مصير ينتظره في نهاية مهلة بوتين.
آلاف المقاتلين الذين زجّ بهم الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الحرب السورية حاليا بتكليف من خامنئي وآلاف المقاتلين الايرانيين الذين قالت مصادر عسكرية سورية انهم وصلوا خلال الايام الاخيرة الى مطار حميميم في اللاذقية هو ترجمة حرفية لاتفاق موسكو. أما التزامات بوتين الجوية فهي تُنفّذ على طريقته وفيها التنسيق مع واشنطن وإسرائيل معا. وكان لافتا في الساعات الماضية إعلان وزارة الدفاع الروسية عن إقامة خط مباشر بين مركز قيادة الطيران الروسي في قاعدة حميميم ومركز قيادة سلاح الجو الاسرائيلي.
لا أحد يعلم كيف ستنتهي العمليات العسكرية وما هي أكلافها في صفوف أطرافها والتي ستكون عالية جدا بسبب كثافتها ونوعية السلاح الذي يستخدم فيها. لكن ما هو معلوم أن بوتين ملزم احترام فترة السماح التي نالها من الغرب وبحماسة من المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل من أجل إيجاد حل سياسي خلال 4 أشهر. وحسبما يرى أندريه كوليسنكوف الصحافي الروسي في برنامج تحقيقات للـ”بي بي سي” فإن الاسد أصبح “الحليف الاخير” لموسكو في الشرق الاوسط بعدما فقدت الرئيسين العراقي والليبي صدام حسين ومعمر القذافي وإبرام طهران الاتفاق النووي. لكن الغرب متحد وراء مطلب تغيير الاسد الذي ستكون تكلفته باهظة على الكرملين إذا ما قرر الابقاء عليه. وأفادت وكالة “آكي” الايطالية نقلا عن مصادر لها صلات بالنظام السوري ان روسيا ستطلب قريبا خروج “حزب الله” من سوريا في إطار الحل الذي يحضّر له.
لماذا التزم بوتين مهلة الـ 4 أشهر والتي تنتهي عملياً في نهاية كانون الثاني المقبل؟ على ما يبدو أن الرئيس الروسي هندس المهلة على إيقاع تنفيذ الاتفاق النووي. أما خامنئي فيهندس تدخله على ما سيحققه على الارض. باختصار، المزاد قد انطلق.