IMLebanon

حسابات بوتين.. و«التاو»

لا يأخذ حقه من الاهتمام الكافي، الإجرام الروسي المتمادي في سوريا.. ولذلك يتصاعد بوتيرة مستحيلة ولا يوفّر في طريقه شيئاً من عدّة وجود السوريين في المناطق الخارجة عن سيطرة بقايا السلطة الأسدية.. والإرهاب معاً.

ولا يكاد يمر يوم واحد، منذ انطلاق الحملة الجوية التي سميت «عاصفة السوخوي»، من دون توثيق مجزرة ما في حق المدنيين.. تبعاً لتركيز الطيران الحربي الروسي قصفه على البنى السكنية ومتمماتها الحيوية مثل الأسواق التجارية والمستشفيات وأفران الخبز.

والواضح، أنه لولا آليات التوثيق بالصوت والصورة، المنتشرة بين الناس، لأمكن الظنّ أن ممارسات وارتكابات وفظاعات جيش بوتين في غروزني الشيشانية، كانت لتتكرر في سوريا من خلال الغارات الجوية وسياسة الأرض المحروقة التي كانت سلطة الأسد بدأت في اعتمادها بعد التيقّن من عبث رد الناس الى الخلف، وعدم نجاعة الأساليب القمعية والعنيفة المألوفة، في إنهاء ما بدأ في آذار عام 2011.

وما تفعله روسيا على الأرض يماثل ما تفعله في السياسة. أي اعتماد الازدواجية (والمصطلح مهذّب لأن رديفه هو الكذب التام!) أي أنها تضع ارتكاباتها في خانة «محاربة الإرهاب»، ولا تتعرّض إلا لكل سوري يحارب الارهاب. بل لكل سوري «مدني» في كل منطقة خارجة عن سيطرة «داعش» والسلطة الأسدية على حد سواء. وذلك يعزز يوماً تلو آخر «الانطباع» الذي ولّد (ويولّد) اتهاماً كبيراً لموسكو بأنها تعمل بالفعل، وبكل ما أوتيت من جموح وغرور ورعونة، على تنفيذ «تطهير عرقي» في كل المناطق التي تراها «خطرة» تكتيكياً واستراتيجياً على مشاريعها المرتبطة بها وبتابعها الأسد.

وفق القياس ذاته، اعتمدت موسكو موقفاً سلبياً من مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، برغم أنه قدّم صورة ومشروعاً لا يمكن أي عاقل إلا وأن يرى فيهما بديلاً ممكناً وواقعياً ومتطوراً عن ازدواجية الإرهاب والسلطة الأسدية معاً! ما يعني في المحصّلة، أن بوتين يتصرف في سوريا وإزاءها على أساس أنها أزمة (وأي أزمة؟!) يريد تحويلها الى فرصة.. باعتبار أنها تتيح له فتح كل المواضيع المغلقة مع أميركا والغرب في شأن العقوبات و»الدور» و»النفوذ»، من دون مخاطر كبيرة ومعقدة، تشتمل عليها المواجهة المفتوحة في أوكرانيا (الأوروبية) مثلاً.

والمنطق يقول، تبعاً لذلك، ان الروس لا يريدون فعلياً، أي «حل سياسي»، مع أنهم يعرفون يقيناً، أن «الحل العسكري» مستحيل.. ويفترضون أن الوقت لصالحهم طالما أن الادارة الأميركية الأوبامية ليست في وارد التخلي أو التراجع عن أدائها الخارجي، وطالما أن إسرائيل (الأساسية والمركزية في حسابات بوتين وسلطته) ليست مستعجلة على شيء ينهي الاستنزاف المريع لكل المتقاتلين في الحرب السورية، خصوصاً منهم إيران و»حزب الله».

.. بديهي القول في مقابل ذلك، ان حسابات «التاو» وغير «التاو» مناقضة لحسابات الموهوم الروسي، والذي لن يطول الوقت قبل أن يتأكد، من أن سوريا ليست الشيشان، وأن ما أصاب سلطة الأسد والإيرانيين قبله سيصيبه حتماً!