ليس هناك أي معنى للرسالة التي وجهها فلاديمير بوتين الى قمة شرم الشيخ، خصوصاً ان كل ما ورد فيها يشكّل إدانة قاطعة للموقف الروسي، الذي عمّق الأزمة السورية وجعلها مأساة القرن وقد بتنا بعد أربعة أعوام أمام بلد مدمّر ومئتي ألف قتيل ومئات آلاف الجرحى إضافة الى ١٢ مليون لاجئ، وبعدما صارت سوريا مرتعاً للإرهابيين الذين استجلبتهم أنهر الدماء والمذابح .
الزعماء العرب الذين اجتمعوا في شرم الشيخ، لم ينسوا السياسات التي مارستها روسيا في دعمها للنظام ضد الشعب السوري منذ عام ٢٠١١ قبل ظهور “داعش” و” النصرة”، والتي تجعل بوتين شريكاً في صنع هذه المأساة، وكان من المناسب قبل ان يدعو بوتين الى التسوية السلمية من دون تدخل خارجي سواء في سوريا أو ليبيا أو اليمن، ان يتذكّر انه مسؤول شخصياً عن احباط المبادرة العربية لحل الأزمة السورية، وقد تفاقمت مسؤوليته تباعاً على وقع الفيتو الذي اتّخذته بلاده اربع مرات لتعطيل أي حل سياسي ممكن في سوريا.
كيف استطاع بوتين الذي أحبط مؤتمر جنيف في مرحلتيه الأولى والثانية، بسبب إسقاطه كل اشارة الى عملية الانتقال السياسي وتمسّكه ببقاء بشار الاسد الذي مضى بعيداً في ذبح الشعب السوري، ان يوجّه رسالته التي تقول بالحرف: “اننا نقف الى جانب الشعوب”، فهل وقفت روسيا مع الشعب السوري يوم كان يتظاهر صارخاً “سلمية سلمية” ويسقط بالرصاص والقذائف الروسية الصنع، وهل يتذكّر بوتين ان المقاتلات التي دمّرت المنازل والأحياء على رؤوس السوريين روسية وتلقي الحمم والنيران الروسية؟
يتحدث عن ليبيا، فهل كان المطلوب مثلاً ان يذبح معمر القذافي الليبيين “زنقة زنقة” من غير ان يتدخل أحد. ثم عن أي حوار في اليمن يتحدث، وهل قبل الحوثيون ورعاتهم الإيرانيون بأي حوار وهم يندفعون وراء الشرعية المهجّرة الى عدن بعدما اسقطوا الاتفاق الذي وضعته دول مجلس التعاون الخليجي ووافقت عليه جامعة الدول العربية وتبنّته الأمم المتحدة بما فيها روسيا؟
وبالعودة الى سوريا أولم تحبط روسيا كوفي أنان ثم الأخصر الإبرهيمي من خلال إصرارها على إسقاط فكرة الانتقال السياسي التي كان يمكن ان تأتي نتيجة الحوار، الذي يتحدث عنه بينما تولى وزير خارجيته سيرغي لافروف اقفال كل الابواب في وجه أي حوار بما فيه الحوار الأخير في مؤتمر موسكو الذي أراد وراثة مؤتمر جنيف؟
بوتين شريك مضارب في المأساة السورية وحتى هذه اللحظة يستمر الجسر الجوي الروسي في نقل الاسلحة الى النظام الذي دمر البلد وجعله بؤرة للإرهابيين من الدواعش وغيرهم، وكان من الأفضل لو منعه الحياء من توجيه هذه الرسالة التي تدعو الى الحوار والسلام اللذين تدمرهما الأسلحة الروسية!