IMLebanon

بوتين فرض ايقاعه في اللقاء مع ترامب

في حين أن لقاء الرئيسين ترامب وبوتين كان مرتقبا على المستوى الدولي، فان هذا اللقاء كان هاجسا ومصدر قلق لدى أوساط أميركا العميقة والقيادات السياسية المخضرمة! والسبب هو تخوّف هذه الأوساط وتلك القيادات من لقاء بين رئيسين أحدهما صاحب شخصية مسطّحة وتفتقر الى العمق والخبرة على المستوى الدولي مثل الرئيس ترامب، وشخصية معقّدة وذكيّة ومتمرّسة كالرئيس بوتين.

والخشية هي من قدرة الرئيس الروسي على التلاعب بأفكار ترامب، والعزف على نقاط ضعفه، وبرمجته بصورة تخدم مصالح روسيا أولا. أليس هذا ما يفسّر وجود وزير الخارجية الأميركي تيلرسون في القمة الثنائية بين الزعيمين. وهي حالة نادرة في السجل الأميركي أن يحضر مراقب الى جانب الرئيس، لحمايته من الانزلاق وزلاّت اللسان والأفكار والمواقف!

مع ذلك، نجح الرئيس بوتين من فرض ايقاعه على المحادثات، وقدم للرئيس ترامب سلفا الهدية التي تسعده وتريح أجواءه النفسية على الصعيد الشخصي، وأجواءه السياسية داخل أميركا، بالنفي الجازم لأي تدخّل روسي في الانتخابات الرئاسية التي أوصلت ترامب الى البيت الأبيض. وهذا الموقف الروسي بدلق المياه يطفئ جانبا من نيران الحملة ضد ترامب التي كانت تحمل في طيّاتها شبهة عزله من الرئاسة. كما يؤكد ضمنا للرئيس الأميركي ان موسكو تنوي عدم التلاعب بهذه المسألة كورقة ابتزاز. وعلى هذا الايقاع الايجابي، جرت المحادثات، وقام ترامب بملاقاة بوتين بالاعراب عن نيّة التعاون الأميركي في بعض الملفات الشائكة، وان بشروط!

من المبكر التكهن بالمدى الذي يمكن أن يصل اليه التعاون بين واشنطن وموسكو في المدى المنظور، على الصعيدين الاقليمي والدولي، وبخاصة في ملفي سوريا وأوكرانيا، وهما الأزمتان اللتان توقف عندهما ترامب في أكثر من محطة في كلامه. وهما عنوانان لأزمة علاقات متشابكة ومعقّدة على مستوى الاقليم وعلى المستوى الدولي. وعلى الأرجح ان الحلول ستسير ببطء وبالتدرج وبحذر، وبخاصة من الجانب الروسي الذي يعرف حقيقة التركيبة الأميركية بعمق، ويعرف أن السياسة الأميركية لا تتورّع من النكل بأية اتفاقات متى كانت يدها هي العليا. واسرائيل هي الجهة المستفيدة من عرقلة أي تفاهم ممكن أو محتمل بين الولايات المتحدة والاتحاد الروسي!