IMLebanon

بوتين… جردة مواقف في ملفات مختلفة

لنحو أربع ساعات تسمَّر المواطنون الروس أمس أمام شاشات التلفزة لمتابعة رئيسهم فلاديمير بوتين في حواره السنوي المباشر، الذي لم يغفل فيه أيّاً من الملفات الداخلية والخارجية.

حوار بوتين السنوي الثالث عشر هذا العام لم يأتِ ضمن السياق المتعارف عليه تقليدياً، في اعتبار أنّ روسيا تواجه تحديات مختلفة على مسرح السياسة العالمية.

لذلك فإنّ الرئيس الروسي وضع الاصبع على الجرح، وحدَّد الأسس التي تنطلق منها كلّ مشكلات بلاده وذلك في العلاقات مع الغرب وفي مقدّمها واشنطن، مؤكداً أنّ مستقبل تلك العلاقات لا يمكن أن يُبنى إلّا على اساس الاحترام المتبادل، ما يعني مراعاة مصالح موسكو في الملفات الاقليمية والدولية، وإلّا فإنّ لغة التهديد والضغط لن تجدي نفعاً بل ستزيد من تصلّب المواقف، وبالتالي ستؤدي الى مزيد من التعقيدات في القضايا الخلافية بين روسيا والغرب، وفق بوتين.

وعلى رغم مواقف روسيا التصعيدية إلّا أنّ بوتين لم يقفل الباب امام فتح صفحة جديدة ولكن ضمن معايير محدَّدة. وانطلاقاً من ذلك فإنّ حصة الاسد من حديثه المطوَّل كانت من نصيب الازمة الاوكرانية نظراً لحساسيتها وتأثيرها المباشر في روسيا أمنياً وسياسياً واقتصادياً، في اعتبار انها العنوان الابرز للمواجهة الحاصلة مع الغرب.

بالطبع لم يغب الشرق الاوسط عن مواقف بوتين وخصوصاً الاعلان عن تزويد ايران بمنظومة «اس 300» الصاروخية المتطورة، وهنا كان بوتين واضحاً ووضع النقاط على الحروف، فعلى رغم طمأنته اسرائيل بأنّ هذا السلاح لا يمكن أن يهدّد أمنها، وتأكيده أنّ قراره برفع الحظر عن توريد هذه المنظومة إلى إيران مبني على المرونة الكبيرة التي ابدتها الجمهورية الاسلامية في المفاوضات الخاصة ببرنامجها النووي، وهذا ما دفعه إلى اتخاذ قرار بتنفيذ صفقة «إس-300» المعلقة منذ اكثر من اربع سنوات.

إلّا أنّ الرجل اعلن صراحة أنّ توريد هذه المنظومة الحديثة لايران هو عامل ردع في ظلّ ما تشهده اليمن، ما يعني أنّ أحداً لا يستطيع تغييب الدور الروسي في المنطقة، في اعتبار أنّ السنوات الماضية أثبتت أنّ طهران وموسكو حليفتان استراتيجيتان في الشرق الاوسط، خصوصاً أنّ الرئيس الروسي كشف عن مفاوضات كانت قد أجرتها موسكو مع دولة عربية من دون أن يذكرها لتزويدها بمنظمومة «اس 300 «، ولم يوضح اسباب تعثر تلك الصفقة.

ملف مكافحة الارهاب كان حاضراً على رغم أنّ بوتين اعتبر أنّ تنظيم «داعش» لا يُهدّد بلاده مباشرة، إلّا أنّ وجود عدد كبير من المواطنين الروس في صفوف هذا التنظيم يقلق القيادة الامنية الروسية، لذلك فإنّ اجهزة الاستخبارات الروسية كافة تتعقب تحرّكات المواطنين الروس وغيرهم من مواطني رابطة الدول المستقلة الذين انضموا الى صفوف تنظيم «الدولة الاسلامية» في سوريا والعراق، خصوصاً أنّ هناك احتمالاً لعودة هؤلاء المتطرفين إلى الأراضي الروسية في المستقبل.

وفي هذا الشأن كشف بوتين أنّ النخبة التي كانت في مواقع السلطة في عهد صدام حسين اضافة الى الضباط العسكريين الكبار في الجيش العراقي السابق هم النواة الاساسيّة في تأسيس تنظيم «داعش»، في اشارة الى أنّ الاسلوب الذي اتبعته الولايات المتحدة للاطاحة بالنظام العراقي السابق أدّى الى تشكيل منظمات ارهابية في المنطقة.

وفي شأن متصل، أعرب بوتين عن قلقه تجاه مصير المسيحيين في الشرق الاوسط في ظلّ تنامي الحركات المتطرّفة، معتبراً أنّ ما يقوم به المجتمع الدولي تجاه هذه القضية غيرُ كاف لحماية امنهم والحفاظ على استمرارية وجودهم في المنطقة في اعتبار أنّ الشرق الاوسط هو مهد المسيحية.