Site icon IMLebanon

بوتين لن ينقذ الأسد ولا سوريا

“الاتفاق الأميركي – الروسي على وقف الأعمال العدائيّة في سوريا وإنشاء ممرّات آمنة لنقل المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في ظل رقابة دوليّة وإشراف واشنطن وموسكو والذي دعمته في ميونيخ “المجموعة الدولية لدعم سوريا” المؤلّفة من 17 دولة، يعكس حرص القيادة الروسية على التعاون مع أميركا وحلفائها بقطع النظر عن تنفيذ هذا الاتفاق أو عدمه. فالقيادة الروسية تبدو في ذروة تفوّقها وسطوتها في سوريا، لكّنها في الواقع ليست منتصرة، إذ انها قوية عسكرياً وضعيفة سياسياً وهي أقدمت على تصعيد عملياتها الحربية بعدما فشلت في تحقيق أربعة أهداف أساسيّة في مفاوضاتها مع الإدارة الأميركية وحلفائها”. هذا ما قاله لنا مسؤول أوروبي في باريس وثيق الاطلاع على تطورات الصراع بين حلفاء نظام الرئيس بشار الأسد وخصومه. وأوضح المسؤول ان القيادة الروسية فشلت في تحقيق الأهداف الأساسية الآتية:

– أولاً: فشلت القيادة الروسية في إقناع أميركا والدول الحليفة لها بقبول بقاء الأسد في السلطة والموافقة على تغييرات شكلية أو جزئية في نظامه لن تمس جوهره وتركيبته الأساسية، إذ أن هذه الدول تمسّكت بضرورة رحيل الأسد والمرتبطين به والانتقال من طريق المفاوضات إلى نظام جديد تعددي من أجل إنجاز حل سياسي شامل وحقيقي للأزمة السورية. وضمن هذا النطاق كشف وزير الخارجية الأميركي جون كيري لمسؤول دولي انه قال للرئيس فلاديمير بوتين في لقائهما الأخير “إذا كنت تحاول مع حلفائك إبقاء الأسد في مكانه فإن الحرب لن تتوقف وستشهد سوريا تزايداً كبيراً في أعداد الإرهابيين وأعمال العنف وسيكون من الصعب جداً الحفاظ على هذا البلد موحّداً ومتماسكاً”. ونشر الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية هذا الكلام الذي يتمسك به كيري على رغم التطوّرات العسكرية الأخيرة، كما أن الرئيس باراك أوباما على اقتناع بأن رحيل الأسد شرط ضروري لإنهاء الحرب وإعادة توحيد البلد والشعب والقضاء على الإرهاب.

– ثانياً: فشلت القيادة الروسية في إقناع أميركا وحلفائها بقبول تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم معارضين يختارهم الأسد على أساس أن تكون هذه الخطوة مدخلاً إلى الحل السياسي، بل أن الأميركيين وحلفاءهم تمسّكوا بضرورة انتقال السلطة إلى نظام جديد وتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 2254 والذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالي تضم ممثلين للنظام والمعارضة وتمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتنفذ خطوات تكرس التغيير الكبير في سوريا.

– ثالثاً: فشلت القيادة الروسية في أن تفرض على الدول الأخرى تشكيلة الوفد المعارض المفترض فيه أن يتفاوض مع النظام، إذ انها سعت إلى ضم معارضين مرتبطين بها إلى وفد المعارضة الحقيقية المنبثق من اجتماعات الرياض، أو تشكيل وفد معارض ثان خاضع لها من أجل إضعاف دور المعارضة في المفاوضات. لكن أميركا والدول الحليفة لها أحبطت هذه الخطة وشدّدت على أن الحل السياسي للأزمة يتطلّب منح المعارضة الحقيقيّة المنبثقة من اجتماعات الرياض دوراً أساسياً في العملية التفاوضية مع النظام.

– رابعاً: فشلت القيادة الروسية في اقناع أميركا بضرورة إشراك النظام السوري في الحرب ضد “داعش” والإرهابيين، إذ ان الإدارة الأميركية رفضت وترفض التعاون والتنسيق مع الأسد في هذا المجال وفي أي مجال آخر، وهي تقود تحالفاً دولياً يخوض هذه الحرب التي ستشهد قريباً تكثيفاً لنشاطاتها بعد انضمام قوات بريّة سعودية وعربية إليها على الأرض السورية من غير الحصول على موافقة النظام.

وخلص المسؤول الأوروبي إلى القول: “إن هذا الفشل دفع القيادة الروسية الى محاولة حسم الصراع عسكريّاً. لكن روسيا لن تستطيع إنجاز الانتصار الذي تريد ولن يستطيع بوتين إنقاذ الأسد وسوريا وهذا مرّده إلى ثلاثة عوامل: أولاً، إن روسيا تقاتل مع إيران دفاعاً عن نظام أثبت عجزه عن معالجة مشاكل السوريين وعن إلحاق الهزيمة بالمعارضين بقدراته الذاتية وعن الإمساك بالبلد. ثانياً، إن القيادة الروسية لن تستطيع مهما فعلت أن تفرض على الدول الأخرى وعلى السوريين الحل السياسي الذي تريده. ثالثاً، إن القيادة الروسية ستجد نفسها، من غير التعاون مع أميركا وحلفائها، على رأس بلد منهار مفتت وممزّق ومقيّد ومكبّل بالكوارث المادية والبشرية والإنسانية وبخسائر هائلة في كل المجالات. وهذا ليس انتصاراً لروسيا وإيران بل يلقي على هاتين الدولتين مسؤوليات وتحدّيات بالغة الخطورة أكبر بكثير من قدراتهما على تسويتها ومعالجتها تمهيداً لإخراج سوريا من الجحيم”.