بعد وصول ملف عودة النازحين السوريين الى بلادهم الى طريق مسدود، في ظل الطروحات التي لم تصل الى مبتغاها، والتي شكلّت مصدر خلاف بين اللبنانيّين، فضلاً عن عدم وجود حماسة دولية للمساعدة في عودتهم، برزت المبادرة الروسية والتي كانت أخر الطروحات، التي رأى فيها لبنان الحل الانسب للمساعدة في حل هذه المسألة العالقة، فعاد رئيس الجمهورية لطرحها من جديد لان موسكو تلعب دوراً اساسياً انطلاقا من تفاعلها في المنطقة، والذي يخوّلها ان تكون وسيطاً مهماً في هذا الصعيد، لرفع العبء الكبير عن كاهل لبنان، الذي لم يعد يملك القدرة على التحمّل في ظل الظروف الصعبة التي يمّر بها. بعد ان شكّل ملف النازحين في البلد مشكلة على مختلف الاصعدة تقول مصادر متابعة للملف، خصوصاً الاقتصادية والمعيشية والسياسية بين الافرقاء السياسيين، بحيث تضخّمت كثيراً في الفترة الاخيرة ولم يعد مقبولاً السكوت عنها، في ظل غياب الخطة الفعلية لملف النازحين، خصوصاً ان المجتمع الدولي لا يشجع عودتهم، قبل انتهاء الحرب نهائياً في سوريا. فبرزت بعض الحلول التي طرحها الافرقاء اللبنانيون قبل حوالي السنتين منها، إنشاء مخيمات عند المناطق الحدودية اللبنانية – السورية لحصر الوجود السوري، وفتح حوار مع الدول العربية القادرة على استيعاب النازحين بشكل أفضل، إضافة الى تطبيق نظرية ترحيل النازحين الى المناطق الآمنة، التي باتت شاسعة بعد توقف المعارك في القسم الاكبر من اراضي سوريا، وبنسبة تقارب الثمانين في المئة، مما يؤكد عدم وجود سبب يمنع عودتهم الى بلادهم.
الى ذلك، وبعد عودة النازحين الى ديارهم ضمن نسب قليلة، برزت موسكو من جديد اليوم على خارطة الحلول، من خلال زيارة رئيس الجمهورية قبل ايام معدودة، لكن وبحسب المصادر المواكبة للملف، فإن الزيارة شددت على مساعدة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،في هذا الملف خصوصاً وان هناك عدم حماسة دولية لحل هذه المسألة، خصوصاً ان هنالك مطالب يشدّد عليها المجتمع الدولي لتسهيل العودة الآمنة للسوريين، كإصدار عفو عام وحل موضوع التجنيد الاجباري، وموسكو تشدّد على هذين المطلبين ايضاً لتسهيل دورها في هذا الاطار، وقد اعلنت بانها ستتواصل مع دمشق لتطبيق ذلك بهدف تحريك المبادرة والاسراع في تنفيذها.
هذا وتشير المصادر المذكورة الى أن الاتصالات اللبنانية ـ الروسية ستتواصل بدروها، ولن يُترك الملف بهدف إبقاء المناخات السياسية قائمة لتفعيل العودة، وبأن الرئيس بوتين قدّم نصائح للوفد اللبناني بضرورة الانفتاح على دمشق كي تقدّم بدورها التسهيلات المطلوبة، واعداً ايضاً بإجراء اتصالات مع الرئيس السوري للمساعدة في إنجاز هذا الملف.
ورأت المصادر بأن الخلاف السياسي الروسي ـ الأميركي حول قضايا عدة، خصوصاً في المنطقة وتحديداً حول الازمة السورية لا يزال يتفاعل، لان الولايات المتحدة تهدف الى تعطيل الحل السياسي لعودة النازحين السوريين، اذ تقف حجر عثرة امام أي مبادرة وخصوصاً الروسية منها، كما تمنع الدول الأوروبية من تقديم الدعم المالي لتنفيذ المبادرة الروسية، مقابل وضعها الشروط على دمشق التي بدورها ترفضها وترى فيها انتقاصاً للسيادة.
وختمت المصادر ان نجاح ملف عودة النازحين يتطلب اليوم مظلة اقليمية وتمويل هائل لاعادة الاعمار اولاً، وهذا ليس متوافراً بعد.