الرئيس باراك أوباما والقادة الأوروبيون المجتمعون في برلين يطالبون الرئيس فلاديمير بوتين بالوقف الفوري لقصف حلب. وهم يعرفون انه يعرف محدودية ما يمكن ان يفعلوه، ان رفض تلبية الطلب. فليس لديهم استراتيجية في سوريا وفي ادارة اللعبة في روسيا. وعلى العكس، فان بوتين يملك استراتيجية في سوريا قبل الانخراط العسكري المباشر وخلاله وبعده، وفي اللعبة مع أميركا وأوروبا من خلال دوره في سوريا.
وهو قد يساير أو لا يساير قادة الغرب كحركة تاكتيكية، لكنه لن يتخلى عن الاستراتيجية. فما بدأ بالحديث عن تدخل موقت محدد بثلاثة أشهر تجاوز العام، وان تخلله اعلان عن سحب القسم الأكبر من القوات، قبل الدفع بكل الأسلحة المتطورة برا وبحرا وجوا. وما حقق حماية للنظام. وبداية حرب على الارهاب، وأعاد تكريس مكانة موسكو كقوة عالمية فرضت على الغرب المشاركة الندية مع واشنطن في ادارة النظامين الاقليمي والعالمي، تكشف أيضا عن وجود عسكري روسي دائم في سوريا.
والمفارقة ان أوباما يطلب من الرئيس المنتخب دونالد ترامب ان يفعل في سوريا ومع روسيا ما لم يفعله هو: ألا يتبع الواقعية السياسية بالاندفاع نحو عقد صفقات مع روسيا تريح الولايات المتحدة آنيا، لكنها تتسبّب بأضرار جسيمة وتؤذي الشعب أو تخلق مشاكل على المدى الطويل في بلدان مثل سوريا. ثم الوقوف في وجه روسيا عندما لا تحترم قيمنا وتخالف المعايير الدولية.
ذلك ان أوباما يقول في المانيا ان من السذاجة توقع تغيير في سياسة روسيا في سوريا كما في سياسة دمشق وطهران. لكنه قضى في الواقع سنوات في الرهان على سياسة واحدة هي تغيير حسابات روسيا بحيث تضغط من أجل تغيير حسابات الأسد. وهو اتّكل على موسكو في ترتيب وقف الأعمال العدائية ومشاركة واشنطن في رعاية الحوار بين النظام والمعارضة من أجل تسوية سياسية. والاتفاق الأخير الذي توصل اليه الثنائي كيري – لافروف، ثم انهار بسرعة، اقتصر على المشاركة في قصف داعش والنصرة وتأجيل البحث عن تسوية سياسية.
حتى قبل الدخول العسكري الروسي، فان السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد يعترف بأن بيان جنيف كان قابلا للتطبيق لو دعمه ضغط عسكري أميركي، لكن أوباما لم ير الأمور هكذا. والمسؤول السابق الآخر فريدريك هوف رأى ان بيان جنيف خارطة طريق لتغيير النظام سلميا، لكن آخرين في الادارة لم يكونوا راغبين في فعل أي شيء لتحقيق الخطة.
وها هو أوباما يستعد للرحيل، وبوتين يكمل ادارة اللعبة.