بعد اكثر من ربع قرن، على حدوث المجزرة.
تكررت المجزرة، ولكن بوجه جديد.
من كان يصدّق ان القاع بلدة الانتماء الى الوطن، تعود ثانية، لتواجه الامتحان الأكبر.
في مطلع السبعينات، وفي زمان الوجود السوري، واجه اللبنانيون امتحان العيش الواحد.
يومئذ، واجه المسيحيون خيار العيش الواحد.
ومع ذلك، تجاوز أبناء القاع، الامتحان الصعب، وقرروا البقاء، لا المغادرة.
يومئذ، مررنا – نحن اللبنانيين – في القاع مرور انسان صامد، في ارادة العيش المشترك.
والصمود يعني التعايش لا المغادرة.
لماذا حدث ما حدث في القاع على حين غرّة؟
لا أحد كان يصدّق، ان النعوش البيض، لا السود، كانت تتراقص على زنود الشباب قبل دخولها الى كنيسة مار الياس في بلدة القاع.
وكان ابن القاع النائب مروان فارس، يراهن على ان العيش الواحد، أقوى من الفراق. وأمنع من الغياب.
لماذا هجم التكفيريون من الجبال النائية، الى القاع وضربوا بشراسة البلدة الموعودة أبداً بارادة العيش الواحد.
كان البطريرك غريغوريوس اللحام، يحمل طائفة الروم الكاثوليك في قلبه، لكنه، راح يقول ان القاع عنوان السلام والوئام في أقاصي البقاع، على الطريق الى سوريا.
ذات يوم كان النائب والوزير ألبير منصور في الطريق من رأس بعلبك الى دمشق، أيام الحرب، لكنه، توقف في منتصف الطريق، ليقول ان لبنان وسوريا، بلدان في وطن واحد، لا دولتين في وطن واحد.
سألوه: ماذا تعني بقولكم، فأجاب بأن البلد يولد مرة واحدة، لا مرتين، انه مثل الانسان.
من حرّك المؤامرة الآن، للقضاء على التعايش في بلد العيش الواحد.
الطوآئف جميعاً وقفت وقفة الرجال.
حزب الله علّق احتفال ليلة القدر بعد المؤامرة على القاع.
وحركة أمل ألغت احتفال ليلة القدر أيضا، لأنها مثل التيار الوطني الحر، وحزب الكتائب اللبنانية، وحزب القوات اللبنانية، تعتبر ليلة القدر عند الجميع، ان يكون قدرها العيش الواحد في وطن واحد.
حمل اللبنانيون مع أهالي القاع نعوش الأبطال، على الأكف، ايماناً منهم بأن الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء، كما يقول أحمد حسن الزيات.
هل كانت بلدة القاع في قاع المحنة، أم كانت تستعيد مع الجميع، ارادة وطن مصمم على العيش لا على الموت؟
لقد كانت القاع مدينة لا قرية، تبكي شبابها، وتعتز بأنها مع الجيرة والصداقة، مصممة على وداع الشهداء، وعلى وضع الوديعة في ذمة اليائسين.