IMLebanon

سيناريو القاع «الفائز»: المجموعة الأولى للدوريات والثانية للقادة!؟

سيَسيل حبر كثير حول انتحاريّي القاع طالما أنّ السيناريو الثابت يفتقر الى الحدّ الأدنى المفقود من القرائن ليتغلّب على ما عداه. وفي ظلّ تمسّك البعض بما لديه من روايات، يُرجّح خبير عسكري أن تكون المجموعة الإنتحارية الأولى انتظرت دوريات للجيش لتكون الثانية مخصّصة للقادة والسياسيين الذين يتفقّدون الموقع ليكتمل المشهد الدموي. على ماذا إستند؟

يعتقد خبير أمني أنّ المواجهة بين «داعش» والجيش اللبناني ما زالت مفتوحة على شتى الإحتمالات وفي أيّ منطقة حدودية أو في الداخل اللبناني. فالحرب بين الطرفين ما زالت قائمة بكلّ أشكالها الأمنية والعسكرية والإستخبارية، وما يقوم به الجيش في مناطق انتشاره على خطوط المواجهة مع المجموعات الإرهابية بالإضافة الى ما حصَدته العمليات الأمنية الإستباقية من نجاحات تقضّ مضاجعهم حيث ما وجدوا.

ويستفيض الخبير في شرح الإنجازات المنسّقة بين مديرية المخابرات والأمن العام وفرع المعلومات التي نفّذت عمليات أمنية دقيقة وحساسة للغاية في مناطق كثيرة وفي المخيمات الفلسطينية بعدما تحوّلت بؤراً ومتنفَساً لمَن تشرَّبوا الأفكار التي زرعتها «داعش» وهم مستعدون للقيام بأيّ عمل تخريبي يلقون بعده التهنئة من أمرائها.

وفي يقينه، أنّ مجمل العمليات التي نفّذتها هذه القوى كانت موجعة وصادمة على رغم عمليات التمويه التي لجأت اليها المجموعات الإرهابية. وقد تعدّت النتائج التي ترتبت عليها، حدود الأراضي اللبنانية وبلغت دولاً أوروبية وغربية وعربية متخطّية الحواجز الحدودية منها والإستخبارية.

ومردّ ذلك الى المراقبة الدقيقة التي أنتجت كمّاً من المعلومات تمّ تبادلها مع أجهزة دولية تخوض المواجهة عينها مع الإرهاب المعولم، وقد أصاب عواصم منها مقتلاً في مطاراتها او مؤسساتها بعدما تجاهل تحذيرات لبنانية مسبقة.

هذا على المستوى النظري. أما على مستوى الواقع، فإنّ خريطة انتشار المجموعة الإرهابية الأولى في القاع يدلّ على أنها كانت تستهدف في ساعات الصباح الأولى دوريات للجيش أو باصات تقلّ العسكريين من القاع الى مواقع خدمتهم اليومية في البقاع وبيروت، وأنّ الإنتحاريين كانوا ينتظرون أحدها لشنّ إعتداء دموي بمجرّد أن يقترب انتحاريان مثلاً أو أكثر من باص عسكري أو دورية لإيقاع أكبر عدد من الضحايا، وهو امر لن يكون صعباً في منطقة يُعتقد أنها آمنة.

ويضيف الخبير عند حديثه عن مواقع انتشار المجموعة الإنتحارية الثانية أنّ أفرادها تغلغلوا داخل البلدة وتوزعوا في «الوكر» الذي تمّ اكتشافه خصوصاً أنّ هناك ما يدلّ على مختبئين فيه حديثاً أمضوا ساعات قليلة قبل الإنتشار ليلاً. ويلفت إلى أنّ المجموعة الثانية كانت تنتظر مَن يتفقّد موقع التفجير لإصطياد القادة العسكريين وربما الوزراء والسياسيين الذي سيستفزّهم المشهد، باعتبار أنه سيكون سهلاً عليهم مفاجأة المتفقدين من الخلف أي من داخل البلدة وليس من خارجها.

وعليه، يستمدّ صاحب السيناريو نظريته من فهمه العميق للعقل الأمني الداعشي الذي يبحث عن الإثارة في تحدي الأجهزة الأمنية والعسكرية والحكومات في آن، متخطّياً كلّ ما يقول به العقل البشري من فنون الإجرام بدليل لجوئهم الى وسائل إعدام لم تألفها البشرية والمجتمعات سابقاً بعدما تفنّنوا في ارتكاباتهم في العراق وسوريا وليبيا والتي تعدّدت حرقاً وإغراقاً أو استخدام السطوح العالية لرمي ضحاياهم أو سحلهم وصولاً الى إستخدام الماء المغلي لإنزال القصاص بمَن يخرج على طاعتهم.

ولذلك، يضيف الخبير الأمني أنّ الوقوف على خريطة انتشار الإنتحاريين الثمانية مسبقاً على أطراف البلدة وداخلها يوحي بهذا المشهد وينتهي الى الإعتقاد بأنها كانت عملية فاشلة بكلّ المقاييس الإرهابية، عندما وقعت المجموعة الأولى في مصيدة حديقة المسلم الوحيد في البلدة الذي اكتشفهم في فترة السحور وإلّا كانوا بقوا مختبئين لمفاجأة الدوريات والباصات من دون عين تراقب، وجاء مسلسل التفجيرات الصباحية ليعطّل لهم خططهم، فاستعجلوا عملياتهم الإنتحارية ولو لم تأتِ بالمردود الذي كان مقدّراً.

لكن ليس من الحكمة عند تحليل ما حدث – يقول الخبير – تجاهل قدرة افراد المجموعة الثانية على الصبر في بقائهم مختبئين طيلة النهار بعيداً من أعين القوى الأمنية والأهالي حتى ساعات الليل الأولى لتنفيذ ما يمكن تسميته المخطط البديل للأول.

ذلك أنهم لم يتمكّنوا من مواكبة حركة القادة العسكريين الذين تفقّدوا المنطقة ولا أن يطاولوا أيّاً من المسؤولين الحزبيين بعدما أحكم الجيش سيطرته على المنطقة ولاقاه الأهالي في إقفال الطرق المؤدية الى الكنيسة ومواقع تجمعهم، فكان ما كان من وقائع توحي في شكلها ومضمونها أنها ترجمة للفشل الذي أصاب مخطّطهم الأساسي في البلدة ليصيبوا أكثر من عصفور بحجر واحد بزرع الرعب في قلوب مسيحيّي القاع واستهداف القادة العسكريين والسياسيين في آن.

وعليه يختم الخبير أنّ ما حصل هو جولة في معركة بين الجيش والإرهاب، وهي حرب مفتوحة على شتى السيناريوهات والإحتمالات على الحدود وفي الداخل وما بينهما على كلّ ساح.