تلقّت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني أمس كتاباً من وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، يطلب فيه «وضع خطة طوارئ لإخلاء المناطق المعرضة للمخاطر أسفل مشروع سد القرعون، قيد الجهوزية والتنفيذ». ويأتي طلب الوزارة إعداد دراسة «تحليل المخاطر وسيناريوهات الانهيار» بعد انكشاف التحذيرات التي كانت قد أطلقتها المصلحة منذ عام 2018، من احتمال تعرض السد للتخريب أو العمل الإرهابي، ما يهدّد سلامة آلاف المواطنين وعشرات البلدات. حال طوارئ أعلنتها الدولة لاستباق الخطر الآتي من خلف السد بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت التي نبّهت المعنيين إلى أهمية المراسلات التي كانت وجهتها المصلحة للوزارات والأجهزة الأمنية، وأخيراً إلى المجلس الأعلى للدفاع قبل أيام من كارثة المرفأ. ورداً على طلب الوزارة، قال رئيس المصلحة سامي علوية لـ«الأخبار» إن المصلحة أعدّت بالفعل خطة «ليست صالحة لتطبيقها على سد القرعون فحسب، بل على سائر السدود الأخرى، ولا سيما سد بسري في حال نُفّذ». وتضمنت الخطة تجهيز أجهزة الإنذار والإخلاء بالتعاون مع البلديات وطواقم الدفاع المدني بالتنسيق مع دائرة إدارة الكوارث في رئاسة مجلس الوزراء.
ورغم إقرار الدولة بخطر سد القرعون وتهافت الأجهزة الأمنية على تفقّد السد وسد الثغرات المحتمل استغلالها لتخريبه، لا يزال البعض غير آبه بالخطر. أمس، لم يتوانَ أحد أصحاب المقالع في مجدل بلهيص والقرعون الواقع على بعد عشرات الأمتار فقط من السد، عن القيام بأعمال تفجير، مستفيداً من قرار الحكومة قبل استقالتها بالسماح بنقل «الستوك» من المقالع والكسارات، علماً بأن المصلحة كانت قد تقدمت ضد الأخير بشكوى بسبب الارتدادات والاهتزازات في جسم السد التي تتسبّب فيها التفجيرات الضخمة التي يقوم بها!
وكانت المصلحة قد تنبهت إلى خطورة أي عمل تخريبي أو تعدٍ قد يطال السد أو الأنفاق التابعة له أو حتى مفيضه أو «سكورة» تفريغ المياه منه. ووفق إمكانيات محدودة، نفذت بعض الإجراءات الفنية والإدارية، لكنها وجهت كتباً إلى قيادة الجيش ووزارة الدفاع منذ العام 2018 لطلب الحماية الأمنية. لكن ردّهما لم يتخطّ مستوى النصيحة بالاستعانة بنواطير القرى والعاملين في المصلحة وطلب تدخل الجيش عند حصول أي طارئ، من دون القيام بتدابير الأمن الوقائي وموجبات السلطات العسكرية إزاء المنشآت الاستراتيجية.
يقرّ علوية بأن الإجراءات التي نفّذت حتى الآن ليست كافية
بعد كارثة 4 آب، وبموجب قرار المجلس الأعلى للدفاع وقوى الامن الداخلي، جرى تثبيت نقطة حماية ثابتة على الجهة الشرقية لسد القرعون، وتعمل المصلحة على تثبيت نقطة حراسة ثابتة على الجهة الغربية للسد وإقفال جميع المداخل وتثبيت 150 طناً من المكعبات الاسمنتية على المداخل والابواب، وتجهيز بواباب حديدية، وتعمل على تجهيز المداخل بكاميرات مراقبة وأجهزة إنذار.
يقرّ علوية بأن الإجراءات التي نفّذت حتى الآن، ليست كافية. من المطلوب «اتخاذ جميع التدابير الاحترازية لحماية المنشآت كافة، وإقفال جميع مداخل الأنفاق والمآخذ، والقيام بأعمال الحراسة والمراقبة على مدار الساعة،وتكليف مهندس مسؤول للإشراف على الامن والسلامة العامة وإدارة المخاطر في منشآت المصلحة كافة»، قال علوية، علماً بأن المجلس الأعلى كان قد أوصى «بتكليف لجنة فنية من مهندسي المصلحة لتقييم واقع إنشاءات سد القرعون ومسح تحرك جسم السد سنوياً، وكيل علوّ المياه الجوفية في آبار المراقبة التي تحيط به، وكميات المياه المتسربة من فواصله، والوضع الفني لأبواب السد والبوابات الحديدية ومداخل الأنفاق».