كان يكفي أن تتناقل المواقع الإخباريّة خبر «إطلاق نار كثيف في الضاحية الجنوبية احتفالاً بتكليف حسّان دياب»، حتى يدرك اللبنانيّون أنّ تبجّح قائد فيلق القدس قاسم سليماني «بأنّ حزب الله «لأول مرة فاز بـ 74 مقعداً من مجموع 128 مقعداً في البرلمان اللبناني» قد تحقّق، وإذا كان سليماني يحضر شخصيّاً في بغداد ليشكّل الحكومةات العراقيّة، فقد تطوّر الأمر في لبنان ولم تعد فقط «ملائكته حاضرة»، هذه المرّة حضر الوكيل الشرعي وسمّى رئيس حكومة برغم أنف الثورة، وبرغم أنف الطائفة السُنيّة، مترجماً دور وديعته السُنيّة في حكومة سعد الحريري المستقيلة التي عطّل تشكيلها تحضسراً للحظة الأمس!! بعد شهريْن من المناورات أكد الواقع أنّنا أمام سياسيّين «بلا إحساس» لا يقيمون وزناً للدّستور ولا لميثاق العيش المشترك، وأنّ حزب الله يسيطر على البلاد سيطرة مخيفة ستودي بالبلاد في النهاية إلى حرب أهليةمخيفة، وأنّ هؤلاء السياسيّون يصرون على إغراق الشعب اللبناني في مستنقع اليأس والإحباط،ما حدث طوال شهريْن هو أكبر عملية احتيال على الدستور والشعب ولبنان، في لحظة لا يلوح فيها في الأفق إلا شبح الانهيار، لقد أصبحنا في قلبه ونهوي باتجاه القعر وبأقصى سرعة!!
فوجئنا بأن الدكتور حسان دياب قرأ بالأمس من قصر بعبدا وبعد خروجه من لقاء تكليفه تشكيل حكومة تلا على مسامع اللبنانيين خطاباً فاقعاً من دون أن يرفّ له جفن عندما سُئل عن الميثاقيّة، لن يكون حسّان دياب أوّل شخصيّة تخرج على بيئتها ومجتمعها وطائفتها من أجل المنصب والكرسي، مرّ على لبنان كثرٌ من عينّة «رئيس حكومة قاسم سليماني» لن يكون الأول ولا الأخير للمناسبة، هؤلاء كانوا موجودون في كلّ زمن وفي كلّ شعب أو مجتمع أو طائفة!!
في 19 تشرين الثاني الماضي كتبنا في هذا الهامش متوقعين الوصول إلى هذه اللحظة تناولنا تاريخ أزمات تشكيل الحكومات في لبنان منذ الاستقلال عام 1943 ، وأكّدنا أنّه «ليست المرّة الأولى التي يعيش لبنان فيها أزمة حكومات، العام 1952 أواخر عهد الرئيس بشارة الخوري شكّل الرئيس سامي بك الصلح حكومة تركت تبعاتها على مسيرته السياسيّة، تلتها مجموعة حكومات إلى بداية عهد الرئيس كميل شمعون نخشى أن نكون على عتبة أزمة حكومات على نسقها حيث عاشت أكثر حكومة بينها 12 يوماً، فتتالت أسماء ناظم عكاري بحكومة لمدّة 5 أيام، تلاه الرئيس صائب سلام بحكومة لمدّة 4 أيام، تلاه خالد شهاب بحكومة 12 لمدّة يوم، ثم الرئيس عبد الله اليافي بحكومة لمدة 7 أيام، الأزمة نفسها تكررت عام 1958 مع حكومة خليل الهبري التي عاشت لمدة 4 أيام فقط… أزمة الحكومات تكررت في العام 1973 واستمرّت أعمار الحكومات وأزمات تشكيلها سيّدة الموقف، منذ حكومة أمين الحافظ عام 1973 التي عاشت 57 يوماً وتلقّت سهاماً وتظاهرات كثيرة ضدها».
يتنقّل اليوم الموفد الأميركي ديفيد هيل ليلتقي المسؤولين اللبنانيين يطارده شبح سيطرة قاسم سليماني على بيروت وقيام حزب الله بالقبض على الحكومة، بالأمس اختطف لبنان ومن دون أدنى مقاومة إلى محور الشرّ الإيراني ، العالم أدار ظهره لنا إذ لم نعد نمثّل أكثر من حالة فشل سياسي مزعج، وبعدما استيقن العالم أنّ كلّ الوعود التي أطلقتها الحكومة المستقيلة كانت مجرد كلاماً تهبّ عليه رياح حزب الله فيتبخّر في الهواء وليذهب لبنان وشعبه إلى الجحيم من أجل الحاج سليماني وأجندة إيران التي لا تترجم إلا في لبنان!!