أن يعلن حزب الله أن سماحة الشيخ نعيم قاسم أصبح أميناً عاماً ليس بالأمر المفاجئ، ولا هو بالأمر الجديد، لأنه تأكيد على المؤكّد، فحتى قبل الإعلان الرسمي عن استشهاد السيد صفي الدين، كان واضحاً أن الشيخ قاسم هو الذي أُسنِدت إليه قيادة الحزب، فالمقاومة. وبالتالي فإن الأمين العام الجديد (الرابع في التسلسل)، تؤول إليه القيادة في واحدة من أكثر المراحل دقةً وصعوبةً ومخاطرَ على صعيد المقاومة وبالذات على الصعيد اللبناني.
يتوافق ذلك مع التصعيد بالغ الخطورة في تدحرج الحرب الى منعطفات غير مسبوقة منذ السابع من تشرين الأول من العام الماضي، ومنذ أن بلغ التدهور الميداني ذروته منذ التصعيد الإسرائيلي قبل نحو شهر من اليوم.
قال حزب الله إنه تم التوافق في مجلس شورى المقاومة على الشيخ قاسم «ليكون حاملاً الراية في هذه المسيرة، التزاماً بالإسلام المحمدي الأصيل». ومعلوم أن الرجل ليس مستجداً أو طارئاً على مشهد المقاومة، فهو نائب الأمين العام منذ العام 1991، أي منذ ما قبل قيادة الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله، كما كان على تماس مباشر مع القاعدة منذ أكثر من ثلاثة عقود.
تبدأ «ولاية» الشيخ قاسم مع التصعيد في حرب الإبادة التي يشنها العدو الإسرائيلي على لبنان، في حين يبدو الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين «ضائعاً»، إذ فيما أعلنت غير جهة إعلامية أنه في فلسطين المحتلة، وأنه قد يأتي وقد لا يأتي الى لبنان لاستكمال واسطته، أخذ المبادرة وأعلن أنه قابعٌ سعيداً في واشنطن، كمؤشّر على عدم نضوج مقوّمات وساطته. إلّا أن الغريب في الأمر تركيز وسائط الإعلام الإسرائيلي على تقدم مساعي وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية. وقد ذهبت صحيفة يديعوت أحرونوت الى حد القول إن «محادثات التسوية في لبنان بلغت مرحلة متقدمة»، لتضيف: «إن حزب الله وافق على فصل ملف لبنان عن ملف غزة»، لتزعم «أن الحزب حصل على الضوء الأخضر من إيران للتراجع الى شمال الليطاني، ما يشير الى تحرك استراتيجي قد يسهم في تهدئة الأوضاع». وفي التفاصيل أن المساعي تدور على هدنة 60 يوماً و «إنشاء قوات دولية جديدة مهمتها مراقبة أي انتهاكات قد تحدث من قِبَل الحزب أو إسرائيل».
إلّا أن ما يدعو الى القلق الشديد أن أفيخاي أدرعي، وجّه إنذاراً جديداً، أمس، الى سكان نحو عشر قرى وبلدات جنوبية داعياً الى حتمية المغادرة الى شمال نهر الأولي (الأوّلي وليس الليطاني!) تحت التهديد بتعرضهم لنيران العدو! وهذا له تفسير واحد، وهو أن العدو يريد توسيع ومضاعفة رقعة المنطقة التي تشكل حماية جغرافية واستراتيجية للكيان العبري.