لكي نعلم لماذا استقال محمد جواد ظريف وزير خارجية إيران فلا بدّ من العودة الى ما قاله في الأيام الأخيرة قاسم سليماني مهدّداً الذين يحاولون التواصل مع أميركا من أجل الوصول الى اتفاق معها، وهم يعتبرهم سليماني أعداء للثورة، وأنهم متآمرون عليها.
لا شك في أنّ مَن يحكم إيران منذ اليوم الأول لوصول الخميني وحتى اليوم هم الحرس الثوري.
الحرس الثوري منذ ذلك الحين يعتبرون أنهم هم الذين أوصلوا الخميني الى السلطة، وهم الذين ضحّوا بأرواحهم من أجل الثورة، وهم الذين رفعوا شعار «الموت لأميركا»، وأصحاب شعار: الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر، وهم الذين احتلوا السفارة الاميركية في طهران، وهم الذين فتحوا الحرب على العراق.
رئيس الجمهورية الايراني هو موظف عند الولي الفقيه، والولي الفقيه يستمد مواقفه من التنسيق مع الحرس الثوري.
هذه هي حقيقة تركيبة النظام الايراني.
ويعتبر الحرس الثوري أنه حقق نجاحاً في مشروعه بالهيمنة على العراق فسوريا فلبنان فاليمن… وللأسف فإنّ هذا الحرس مكوّن من مجموعة متطرفة وصاحبة مشروع.
والمشكلة في الحرس الثوري أنهم أصحاب مشروع ديني ويقتنعون به ويسخّرون أموال الدولة كلها في سبيله، وهم، بالتالي، يحكمون إيران بالحديد والنار… لا تهمهم التظاهرات فيقمعونها بالقوة، ولا يهمهم أنّ نصف الشعب على الأقل ضدّهم، ولا يهمهم الهبوط الهائل في سعر «التومان» الذي هبط من 5 تومان مقابل الدولار الى مئة ألف تومان مقابل الدولار الواحد…. وهم ينفقون الأموال الطائلة على «حزب الله» في لبنان والحرب في سوريا والحرب في العراق الخ…
باختصار، الحرس الثوري لا يهمهم الوضع الداخلي… ولكن الاصلاحيين بمن فيهم الوزير ظريف أدركوا أنّ هذا المشروع يقود إيران الى التدهور فالإنهيار.
أما ما تردد أنّ ظريف عاتب لأنّ الديكتاتور بشار الأسد زار طهران من دون أن يكون (كوزير للخارجية) على سابق معرفة، فهذا كلام مضحك، فسبب الاستقالة ليس هنا، إنما عند الحرس الثوري.
عوني الكعكي