IMLebanon

قطر واللعب مع الكبار!

لا يرد اسم جماعة «الإخوان المسلمين» على لسان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهو دائماً يكتفي بالإشارة إلى «أهل الشر» حين يتحدث عنهم أو غيرهم من التنظيمات المتأسلمة، فالرجل من الأساس لا يفرق كثيراً بين الإخوان و«داعش» وما بينهما من جماعات وتنظيمات، كلها تستخدم الدين لتحقيق أغراض سياسية وتلجأ إلى الإرهاب إذا فشلت في تحقيق الأغراض السياسية. كذلك لا يذكر السيسي أبداً اسم قطر عندما يتحدث عن الدول التي تناصر الإخوان وتدعمهم وتنفق عليهم وتحتضن قادتهم، لكن كل من يسمع حديثه عن دول تؤوي الإرهاب وتمول قادته وتدرب عناصره يدرك أن الرجل يقصد قطر وتركيا. لم يذكرهما وإن قصدهما عندما تحدث في القمة العربية التي التأمت في البحر الميت في الأردن في آذار (مارس) الماضي، وكذلك في القمة العربية الإسلامية الأميركية التي عُقدت في الرياض أخيراً.

من الواضح أن اللعب صار على المكشوف وأن المواجهة بين مصر التي تستند إلى موقف دولي في قلبه واشنطن وعربي على رأسه السعودية والإمارات وبين قطر باعتبارها تساند الإرهاب وتدعمه صارت على المحك، والضربات الجوية المصرية لمراكز تجمع للمتطرفين الإرهابيين في ليبيا ليست مجرد رد على حادثة الهجوم على قافلة للأقباط في صحراء المنيا وإنما عكست قراراً بتجاوز مراحل الخصام أو المناكفة السياسية أو التراشق الإعلامي إلى الرد العملي. تضمن حديث السيسي بعدها رسائل إلى أطراف عدة تتجاوز الجهات المنفذة لحادثة الأقباط، وتصل إلى كل من يدعمون الإرهابيين. الدور القطري في الحرب الأهلية في ليبيا معروف ويتحدث عنه الليبيون أنفسهم والضربات الجوية المصرية التي بدأت بمدينة درنة وانتقلت إلى أماكن أخرى تركزت على من تدعمهم قطر وتنفق على تدريبهم وتسليحهم.

الموقف المصري من تركيا مختلف عنه بالنسبة لقطر، فتركيا يتزعمها رئيس «إخواني» يتصرف بما تمليه عليه التزاماته التنظيمية وأطماعه الإقليمية معروفة وموروثة، أما قطر فقضية أخرى، فالدولة العربية باتت مصدر خطر لجيرانها أيضاً بعدما تبنت سياسات ومواقف مؤذية لمصر على مدى سنوات، حينما كانت وسائل الإعلام التي تنفق عليها قطر سواء تلك التي تبث أو تصدر من الدوحة أو لندن أو إسطنبول أو أنقرة تصرخ من ارتفاع أسعار السلع في الأسواق المصرية وعدم قدرة المواطن على شراء الطماطم (البندورة) كان المصريون يتساءلون عن أسباب ذلك الموقف القطري الحاد ضد دول لم يصدر عنها يوماً ما يؤذي المواطن القطري!

جاء حديث أمير قطر الشيخ تميم الذي تدعي الدوحة أن اختراقاً لوكالة الأبناء القطرية تسبب في بثه عبر موقع الوكالة، معبراً عن المواقف والسياسات القطرية على أرض الواقع. وبالتالي فإن إصرار الدوحة على نفيه مسألة هامشية، فالواقع على الأرض يؤكد أن قطر تتبنى السياسات التي تحاول نفيها الآن. وبعدما تم تقزيم السياسة الخارجية القطرية بوضع الإخوان في دول الخليج كجماعة إرهابية، وصل الحال إلى قيام الدوحة بالإنفاق على تظاهرات ضد دول خليجية في أوروبا.

هناك إخوان في قطر لكن ليس هناك أخونة للدولة، والسلوك المؤذي قد يكون رد فعل على سقوط الإخوان في مصر وهزيمتهم في تونس وحصارهم في ليبيا. فالمؤكد أن الدوحة كانت تحلم باللعب مع الكبار والتأثير إقليمياً بدرجة كبيرة لو كان الإخوان استمروا في حكم مصر وانطلقوا منها ليحكموا دولاً أخرى. منح الإسلاميون عموماً والإخوان خصوصاً الدوحة الدور الذي كانت تبحث عنه، وكما ضاع الحلم الإخواني بانكسار الربيع العربي وسقوط دولة الجماعة التي تعيش الآن كابوساً، ضاع حلم الدوحة بأن تلعب مع الكبار ويبدو أنها تتجه إلى مرحلة الكابوس!