يبدو أن شيوخ قطر لم يستوعبوا التجارب التاريخية للدول الطامحة بمد نفوذها إلى خارج حدودها.
أولى تلك التجارب أو الدروس، أن أي دولة تتطلع إلى خارج حدودها، تحتاج إلى طرح عقيدة أو قضية، تستقطب جماهير البلدان المستهدفة، وتكون قيادة الدولة «الطموحة»، سواء أكانت امبراطورية أم إمارة، تملك من القدرات الشخصية والإعلامية والسياسية، ما يُساعد على نشر خطابها السياسي، والترويج للقضية التي تتستر بها لتغطية مخططاتها التوسعية!
في الحالة القطرية، لا تتوفر هذه المعطيات، ولا يمكن أن يعوّض عنها توفّر المال والسلاح، اللذين تغدقهما الدوحة على الجماعات الإرهابية، كما أن هذه الجماعات، مهما كان حجمها وقدرتها التنظيمية، لا تستطيع أن تختصر شعوبها، أو تعبر عن تطلعات تلك الشعوب في حياة كريمة، وفي إطار من الأمن والأمان.
المفارقة القطرية، المحزنة فعلاً، تكمن في جنوح حكام الدوحة إلى صرف مئات الملايين على تنظيمات متطرفة اتخذت من العمليات الإرهابية وسيلة لإثبات وجودها، في حين أن الشعوب العربية والأمم الإسلامية بأمس الحاجة إلى مشاريع إنمائية وحضارية، تحد من مستوى الفقر المدقع، وتحارب الجهل والتعصب بفتح المدارس والمعاهد العلمية والشرعية، وإنشاء الجامعات والمستشفيات وتلبية متطلبات البنية التحتية، واستيعاب الشباب وانتشاله من معاناة الاحباط والتهميش، وذلك على غرار ما تقوم به المملكة العربية السعودية، ودول خليجية أخرى، في العديد من البلدان العربية والإسلامية شرقاً وغرباً، آسيوياً وأفريقياً!
لا ندري كيف تحقق الجماعات الإرهابية في سيناء المجد لقطر، وماذا ينفع الشعب القطري الشقيق إنفاق ثروة بلاده على تنظيمات ظلامية تعيث قتلاً ودهساً وذبحاً لمئات من المواطنين الأبرياء، وتساعد أعداء الإسلام على زرع مشاعر الكراهية والحقد على الدين الحنيف وأتباعه من المؤمنين؟
وهل يُعقل أن نعمل على تدمير دول وشعوب وأمم، إرضاء لنزوات سلطوية فارغة ووهمية، وبحثاً عن دور لا يمكن تحقيقه، بالمقاييس الجيوسياسية القائمة عليها الإمارة الصغيرة؟
«فأما الزبد فيذهب جفاءً.. وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» صدق الله العظيم.