IMLebanon

قطر تنافس فرنسا في الملف الرئاسي

 

 

التحرك القطري المستجدّ على خط الملف الرئاسي، ليس معزولاً عما حصل بعد اللقاء الخماسي في باريس، وما تلاه من ارتدادات فرنسية – سعودية – أميركية. لكن من المبكر التعويل على خطوات مستجدة ولو أنها تحرك مياهاً راكدة

 

تسعى قطر إلى كسر المراوحة في ملف رئاسة الجمهورية. التحرك القطري المنتظر، عبر زيارة وزير الدولة في وزارة الخارجية محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي، يحمل معه احتمالات ومؤشرات، لكن من المبكر الكلام عن نهائيات لها، أو عن مبادرات كبيرة تشبه ما حصل في مؤتمر الدوحة.

 

تكرس في اللقاء الخماسي في باريس، أن الدور القطري أقرب إلى التوجه السعودي، في الخيارات المبدئية والتوجه العام، حيال توصيف الأزمة اللبنانية وسبل معالجتها. مع فارق أن قطر لا تزال تمسك بعلاقاتها مع الأطراف اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وتموضعهم السياسي، في شكل متوازن، وإن كانت تحتفظ بأفضليات في العلاقات نتيجة التجارب التي خاضتها سابقاً مع بعض القوى، وحزب الله تحديداً، في نسج علاقات حوارية معه سواء بفعل ملفات إقليمية أو لبنانية، أثبتت نجاحها. وأساساً كانت مشاركتها للمرة الأولى في لقاء باريس انعكاساً لعلاقتها الإقليمية مع إيران التي غابت عن اللقاء على رغم حيوية دورها وموقعها، ولعلاقتها المحلية مع حزب الله، من دون أن تكون لاعباً منفرداً بعيداً من المسار السعودي، خصوصاً في المرحلة الراهنة التي شهدت ملامح تقارب سعودي – قطري، بعد مرحلة تباعد، وتوافق حول لبنان وبعض الملفات الإقليمية.

 

منذ اللقاء الباريسي وما حصل من جرائه من تعثر دور فرنسي، بدت قطر، وكان الخليفي في باريس لنقاش ملف لبنان ووضع ليبيا وشمال أفريقيا مع فريق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أقرب إلى أن تنافس فرنسا وتعمل على أخذ دورها، بدعم السعودية والولايات المتحدة، مستفيدة من علاقاتها الدولية واتصالاتها اللبنانية، لا سيما أن واشنطن والرياض تعاملتا مع فرنسا على أنها تمثل طرفاً لبنانياً ولا تعكس الدور الذي يفترض أن تقوم به أي دولة راعية لحلول الأزمة من دون الانحياز إلى أحد الأطراف. فيما بقيت مصر على الحياد. علماً أن سفراء الدول الخمس في لبنان قاموا بجولة على المرجعيات السياسية، فيما عادت السفيرة الفرنسية آن غريو لتقوم بجولتها منفردة. الأمر الذي بدا لافتاً في ظروفه وحيثيات حركتها.

 

لذا احتاج اللقاء الخماسي إلى وسطاء آخرين، أكثر حياداً، وإلى دور ناقل الرسائل في مرحلة التهدئة الإقليمية، والقيام بخطوات عملية من جانب طرف آخر. من هنا استجد الدور القطري، مع ما يملكه من تغطية وازنة، كي يكون مؤثراً في الملف الرئاسي. وعلى رغم أن لا دخول علنياً في الأسماء والترشيحات التي قد تلاقي صدى محلياً، إلا أن قطر، كما تردد دوائرها، عبرت سابقاً وفي لقاءات إقليمية ودولية، عن تأييدها لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي استقبلته العام الفائت، والسعودية ليست بعيدة من هذا الجو القطري، تماماً كما واشنطن المعروف موقفها المؤيد لقائد الجيش. وعلى رغم أن لقاء باريس انحصر في تحديد المواصفات، إلا أن انحياز قطر – ومصر في صورة غير مباشرة – إلى قائد الجيش كانا واضحين. وما استجد بالنسبة إليهما أن السعودية أبلغت من «يعنيهم الأمر» أنها تبدي «ارتياحاً» إلى اسم عون حين تطرح أمامها مجموعة من أسماء المرشحين، وهذا ما أعطى للتحرك القطري دفعاً إلى الأمام، خصوصاً أن قطر تربطها علاقة جيدة بقائد الجيش وهي التي بادرت إلى تقديم دعم مالي للمؤسسة العسكرية، عبر رواتب شهرية كان آخرها أوائل هذا الأسبوع، عطفاً على مشاركتها في ملف التنقيب عن الغاز، واستعدادها لتقديم المساعدة في المجال الاقتصادي، لكن ربطاً بالإصلاحات وبالاستقرار السياسي.

وإذا كان من المبكر استخلاص نتائج سريعة من أي تحرك قطري، ما دامت السعودية لم تدخل على الخط مباشرة وتعلن عودتها إلى الساحة اللبنانية، إلا أن التحرك القطري بعد زيارة الديبلوماسية الأميركية باربرا ليف إلى بيروت، وبعد زيارة الخليفي إلى طهران ولقائه كبار المسؤولين فيها، من شأنه أن يسهم في تحريك الملف الرئاسي بعد المراوحة الحالية، ويعطي دفعاً للداخل في ظل تفاقم مؤشرات الانهيار وتحذيرات صندوق النقد من مغبة الاستمرار في الوضع الراهن من دون معالجات جدية.

 

لكن الكرة لن تصبح في ملعب قطر أو باريس بمعزل عن السعودية وإيران، في صورة واضحة من دون التباسات حول وضع الرئاسة ومستقبلها كما اسم الرئيس المقبل. وطهران لم تقل بعد ما هي رؤيتها لملف الرئاسة اللبنانية، حتى لو أيد الثنائي الشيعي ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لأن أي منحى إقليمي بفعل ما تريده إيران في لبنان، قد يصبح ثمنه تغيراً في التكتيك اللبناني لمصلحة الاستراتيجية الإقليمية بعد الاتفاق الأخير، التي تبدأ بتهدئة الساحات المشتركة، من دون الاقتناع محلياً، أن ما يمكن أن يبدأ في اليمن قد يصل إلى لبنان قريباً.