لم يعد خافيا ان قطر وفرنسا تتنافسان لبنانيا ولا تتكاملان، كما تحاول جهات رسمية ان تشيع. فما الذي يبرر وصول المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بعد ايام معدودة من مغادرة الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني، الا تأكيد على التنافس بين الدولتين اللتين ترغبان ان تكون لهما اليد الطولى والكلمة الاساسية بالملف اللبناني، خاصة مع استشعارهما بأن مرحلة الحلول والتسويات في المنطقة باتت قاب قوسين او ادنى، وبأن الحلول في غزة ستعني تلقائيا حلولا في لبنان.
وفيما ينتهج القطريون سياسة تقول بالعمل بعيدا عن الاضواء، وبعقد اجتماعات مع المسؤولين اللبنانيين والمعنيين بالملف الرئاسي بعيدا عن الاعلام منذ اشهر، كيلا تسجل عليهم خسارة علنية في حال لم ينجحوا في اخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، يتحرك الفرنسيون بالعلن ويصورون انفسهم منذ انفجار ٤ آب وزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كقيمين على الساحة اللبنانية، رغم عدم نجاحهم حتى الساعة في تأدية اي دور مؤثر ايجابيا.
وتأتي الزيارة الرابعة للودريان لتؤكد دورانهم في حلقة مفرغة رئاسيا، وبخاصة ان مواقف ماكرون بعيد عملية “طوفان الاقصى” ودعوته لتحالف دولي للقضاء على حماس لن تخدمه اطلاقا مع حزب الله، الذي سيكون اكثر تشددا في مقاربة اي طروحات فرنسية، وابرزها طرح المرشح الثالث.
وتقول مصادر مطلعة ان “حزب الله قد يكون اقرب للتجاوب مع قطر وطروحاتها منه مع الطروحات الفرنسية. وان كانت الدولتان توصلتا الى شبه قناعة بوجوب الحث على انتخاب مرشح رابع، اي غير سليمان فرنجية وجهاد ازعور وجوزيف عون”. وتضيف المصادر: “الاستعصاء الحاصل بملف قيادة الجيش ينسحب تلقائيا على حظوظ جوزيف عون الرئاسية، اي ان عدم التفاهم اللبناني الداخلي على تمديد ولايته، يعني تلقائيا عدم القدرة على تأمين التوافق الداخلي المطلوب لانتخابه رئاسيا”.
وما دام ان القوى السياسية لم تحسم امرها من التمديد او التعيين او التكليف، تبقى حظوظ العماد عون قائمة. لذلك ستنتظر قطر وفرنسا على حد سواء ما سيكون عليه المشهد في مكتب قائد الجيش في وزارة الدفاع في العاشر من كانون الثاني المقبل، لتبني على الشيء مقتضاه.
ولم يعد خافيا ان قطر، التي وان كانت لا تزال تحتفظ بورقة جوزيف عوو بجيبها وتفضلها على سواها من الاوراق، باتت تطرح بالداخل والخارج خيار مدير عام الامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري، الذي تعتقد انه يشكل مخرجا للازمة، باعتبار ان حزب الله لا يمانعه.
وما دامت قطر تبنت طرح البيسري، فذلك يؤكد ان واشنطن لا تمانعه كما دول عربية اساسية كالمملكة العربية السعودية. الا ان ما يعيق انتقاله قريبا من مبنى الامن العام في المتحف الى القصر الجمهوري في بعبدا، فهو اعتبار حزب الله ان زمن تقديم التنازلات والمفاوضات لم يحن بعد داخليا، وانه في حال انتهت حرب غزة كما هي عليه اليوم، اي انتصار كبير لحماس ومحور المقاومة، فذلك سيقوي موقفه وموقعه، ما يمكنه من ايصال مرشحه سليمان فرنجية بطريقة او بأخرى.
وتضيف المصادر “يدرك حزب الله ان العائق الاساسي امام فرنجية داخلي، وبالتحديد غياب الغطاء المسيحي، لافتة الى ان “معظم اصوات النواب “الرماديين”، وبالتحديد السنة منهم ستصب مباشرة لمصلحته في حال تبلور تسوية اقليمية- دولية كبيرة”.