يمكث في لبنان 3 ضبّاط قطريين يتنقلون بين عرسال واسطنبول متابعين التفاوض في شأن العسكريين اللبنانيين المخطوفين من قبل «جبهة النّصرة» منذ آب الفائت، ويندرج وجود هؤلاء في سياق عودة الوساطة القطرية بزخم منذ قرابة الأسابيع الثلاثة بعد زيارة قام بها المدير العام للأمن اللواء عبّاس ابراهيم الى الدّوحة.
ويوحي مصدر موثوق مقرّب من القطريين بأنّ التفاوض «دخل مرحلة الجدّية وباتت اللوائح المتبادلة مع «النّصرة» والتي تتضمّن أسماء مساجين وسجينات من الإسلاميين قابلة للأخذ والرّد».
وتمنّى المصدر أنّ «تؤدي عودة قطر الى الملفّ بطلب رسمي من الحكومة اللبنانية الى نجاحها مرّة جديدة بالقيام بعمل إنساني كما فعلت إبّان أزمتي «أعزاز» و «راهبات معلولا» حيث شارك الضبّاط القطريون الحاليون أنفسهم في تقديم الحلول وصولا الى تحرير المخطوفين».
ويوحي المصدر بأنّ عمليّة التفاوض باتت على مشارف خواتيمها، وهي تتعلّق بالمخطوفين لدى «جبهة النّصرة»، لكنّه لا يستبعد أن تكون السّلطات المعنية في الدوحة قد طلبت من الأتراك المساعدة في التوسّط لدى «داعش» للإفراج عن العسكريين لديها «نظرا الى العلاقات الوطيدة بين قطر وتركيا»، غير أن مصادر لبنانية معنية بالملف تنفي أي دور قطري وهي تؤكد في المقابل أن ثمة مؤشرات إيجابية يبنى عليها من جانب «داعش» لكن ليس عبر الأتراك.
يستند التفاؤل القطري الى معطيات أبرزها: «سير المفاوضات، الثقة المطلقة بشخص المفاوض اللواء عباس ابراهيم الذي استعاد زمام الأمور بعدما رصدت قطر «طفرة طبّاخين» أثبتوا مع مرور الوقت أنّهم لم ينجحوا في التقدّم بالملف خطوة واحدة، وهذا ما رصدته الحكومة اللبنانية بوضوح» على حدّ قول المصدر القريب من الدوحة.
وعن سبب غياب الوسيط السوري (من آل الخطيب) عن مشهد الوساطة رفض المصدر تقديم أية تفاصيل، مذكّرا بأنّ الزيارة الأخيرة للخطيب أعقبها إعدام العسكري علي البزّال، ولافتا الانتباه الى أنّ «قطر تريد عودة الجنود الى عائلاتهم بأقصى سرعة ممكنة، من هنا عودتها الى التفاوض مع «النّصرة» عبر قناة تفاوض جدية ورصينة، ما يبشّر في الأيام المقبلة بنتائج إيجابية».
ويعيد القطريون تحرّكهم في ملفات مماثلة الى حرص قطر على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، ويعبّر القطريون عبر قنواتهم الديبلوماسية عن استياء عارم من لصق البعض تهمة دعم الإرهاب بالدّوحة متسائلين: «كأنّ لا شغلة لدينا إلا تمويل الإرهاب».
يقول القطريون إنهم لم يتدخلوا في ليبيا إلا إبّان عهد الرئيس الليبي المخلوع معّمر القذافي، «ونحن لم نتدخّل في سوريا إلا في معرض السعي لتحقيق أمنيات الشعب السوري، علما أننا جمّدنا أيّ تدخّل في سوريا منذ زمن طويل». مستدركين: «صحيح أن قطر ليست في عداد التحالف الدولي ضدّ «داعش» بقيادة واشنطن لكنها تقدّم كلّ الدعم له عبر أراضيها حيث قاعدة أميركيّة».
وفي سياق مكافحة الإرهاب، تنظّم قطر في نيسان المقبل «المؤتمر الثالث عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائيّة»، ويقول المصدر الموثوق ذو العلاقة مع قطر إنّ الدوحة شاركت المجتمع الدولي في جهوده لمكافحة الإرهاب والتطرّف العنيف من خلال تعاونها الثنائي والإقليمي والدّولي في تبادل المعلومات والخبرات والمشاركة في الإجتماعات والمؤتمرات الإقليمية والدولية وهي اليوم عضو في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وفي الصندوق العالمي لمشاركة وتكييف المجتــمعات المحلية ومساعدتها على الصمود الذي يهتمّ بمعالجة الأساب الجذرية للتطرّف»، مشيرا الى أنّ قطر «حققت إنجازات كبرى في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب».
وعن السياسة الخارجية القطرية، يستعين المصدر بكلام لمساعد وزير الخارجية لشؤون التعاون الدولي الشيخ محمّد بن عبد الرّحمن آل ثاني بأنّ الدوحة «تتبع سياسة «الباب المفتوح» مع الجميع، وتتعامل بمسافة واحدة مع الأطراف السياسيّة كافّة وهذا ما جــعل منــها وسـيطا موثوقا».
يتوقف القطريون عند تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن التفاوض مع النظام السوري معتبرين أنّه «يبدّل الموازين كلّها، لكنّ موقف قطر ثابت بأنه لا يمكن أن يستمر شخص ملطّخة يداه بالدماء في الحكم، لكنّ قطر تحترم في الوقت عينه إرادة الشعب السوري».
ويشير المصدر الى أنّ «العلاقة مع السعودية ممتازة وذات خصوصية تاريخية ونحن نعبر أن لكلتا الدولتين عمقا إستراتيجيا للآخر، وأمن السعودية مهم لقطر وهي تدعم جهود السعودية في الملفات الإقليمية كافّة، وقطر بعلاقاتها مع جميع الأطراف في العراق وسوريا واليمن تحديدا ستكون داعمة أيضا للسياسة السعودية المتّبعة وهي مع تماسك العلاقات الخليجية – الخليجية».
ويصف إيران بالـ «جار»، متمنيا «أن يحظى أي اتفاق بشأن الملف النووي برقابة دولية ويكون ضمن المعايير التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وفي الشأن المصري أكد أنّ «اســتقرار مصــر أولويــة للــدول العربية لكن الحكم المصري الحالي لم يترك كلــمة إلا وقالــها ضدّ قطر لأنها لم تقبل بالانقلاب الذي حصل، لكن الأبواب لن تكــون موصدة أمام أي حوار مستقبلي».